يهدف هذا البحث إلى، مناقشة ظاهرة الکدية ،في نثر الأعراب. کما يهدف إلى، کشف ملامح التجربة النثرية، في هذا الغرض، وکيفية تشکلها، ومدى نجاحها ،في التأثير على العطاء ،سلبا وإيجابا.تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي، ومن أبرز نتائج البحث:
1- تعد الکدية، بمعنى السؤال وطلب العطاء، ظاهرة طبيعية في کلّ المجتمعات ، تدفع إليها الفاقة ، لا يختص بها مجتمع دون آخر، ولا تقتصر على المجتمع البدوي فحسب، وهي ظاهرة مُغرقة في القدم، ولا تزال موجودة إلى الآن.
2- للکدية في نثر الأعراب، ثلاث صور، هي: (الکدية المجردة، والمغبونة، والميمونة)؛ فالأولى (الکدية المجردة): تتمثل في: الشکوى ،ووصف سوء الحال ،والتوسل بالدعاء. غير أن المتسول، لم يصرحُ فيها بثمرة الاستجداء ونتيجته، فهي بمثابة الاستمناح المجرد. والثانية (الکدية المغبونة): هو الاستجداء، الذي قوبل بالرفض والصد، على الرغم من کونها- غالبًا- استمناحًا لتحصيل أسباب العيش ،وضرورات الحياة، ولم يکن وسيلة لتحقيق الثراء، فهو استمناح في صورته الأولية، دعت إليه الحاجة وشدة الفاقة، ومع ذلک فقد باء بالفشل ، فرجع صاحبها عابس الوجه ، يدعو على المسئول، يهجو تارة، ويلوم أخرى. والثالثة: (الکدية الميمونة) وهو الاستجداء الناجح، التي رجع صاحبها بعطاء ميمون، حيث رجع إلى أهله مسرورا، يثني على مانحه، ويشکره على عطيته.
3- يُمثل النثر خاصة المسجوع منه، أسلوبًا شائعًا من أساليب الاستجداء ،منذ بدايته ،وفي صورته الأولية، حيث أن الفقر ،هو الدافع إلى، طلب العطاء، حتى تحول الاستجداء الکدية، إلى حرفة امتهنها البعض، واتخذوها وسيلة للتکسب، وتحقيق الثراء.
4- کان السّجع أسلوبًا شائعًا، للاستمناح في صورته الأولية، اتّخذه السائلون، وسيلة للاستجداء ، وسبيلاً للتأثير في قلوب الأغنياء، يستدرون به عطفهم.
تعددت المضامين، والمعاني المختلفة، في ظاهرة الاستجداء، في نثر الأعراب، فلا يختصّ بموضوع واحد، ولا يقتصر على معنى بعينه، بل غالبًا ما يضمّ النموذج الواحد معان عدة، ومضامين مختلفة، من مدح وهجاء، ورثاء ودعاء، وموعظة وشکوى من الفقر، وسوء الحال.