المقدمة کشفت النصوص الشعرية عند الصعاليک ، عن فاجعة طرد الصعلوک من عالم القبيلة ؛ نافذاً من عالمه المادي إلى تجلية الموقف المأزوم بينه وبين قبيلته من خلال النص العذلي. لذا لا يمکننا أن نُغفل أثر الذات الشاعرة في إعادة إنتاج هذه الحادثة المؤلمة وتأهيلها وتلوينها بألوان النفس ؛ متخذة من العاذلة وسيلة يخلق توجيهاتها ورؤاها في إطارها ومن خلالها ؛ فيتجلى لنا ترميزا شعريا يدور في فلک القبيلة . ورغم هذا نجد الدراسات المعاصرة ترکز على حياتهم وأخبارهم وتوثق أشعارهم ، وتکاد تخلو من استنطاقات وقراءات متأنية للنصوص العذلية؛ من هنا جاءت أهمية تناول نصوصهم العذلية بالقراءة المتجددة ، وفق المناهج النقدية الحديثة شاملة لسد جوانب النقص ما أمکن . وفي محاولة جادة من الباحثة لتقديم تفسيرات شافية حول حضور المرأة العاذلة في شعر الصعاليک ؛اعتمادا على قراءة منهجية حديثة ،کانت التساؤلات المثيرة لفکرة الدراسة : -ما دور نظرية التأويل في تحويل (نص العاذلة) من نص ذي مستوى دلالي محدود إلى نص ذي مستويات منفتحة على دلالات رمزية عديدة ؟ ــ کيف تمکن الشعراء الصعاليک من تأطير النماذج العليا والأنماط البدائية التي شکلت صراعاتهم الداخلية ؟ الشعر بطبيعته الإيحائية والرمزية کذلک المجازية لايمنح موضوع العاذلة صورة متکاملة على نحو واضح بل على شکل أصداء وإلماحات وإشارات تتردد في فضاء مقطوعة أو أجزاء متناثرة من نصوص الصعاليک لذا تمت المعالجة بصفة نصية على ضوء المنهج التأويلي متتبعة في دراستي تلک النصوص من العصر الجاهلي حتى نهاية العصر الأموي.. لقد قامت کثير من الدراسات حول شعر الصعاليک لعل أهمها وأبرزها الشعراء الصعاليک في العصر الجاهلي ليوسف خليف والشعراء الصعاليک في العصر الأموي لحسين عطوان کذلک شعر الصعاليک منهجه وخصائصه لعبدالحليم حفني وهي دراسات توثيقية بعيدة عن الاهتمام بالنص الشعري. و من الدراسات الحديثة :عذل الشاعر في الشعر العربي القديم حتى نهاية العصر الأموي ، للباحثة أسماء عبدالله (رسالة ماجستير ). و رؤية العالم في شعر الصعاليک حتى نهاية القرن الثالث هجري ، لصغير غريب. وهي من المقاربات التي حاولت أن تستمد آلياتها من المقولات النقدية الحديثة کما حاولت تحقيق درجة مرضية من التکامل في المنهجية والطرح . وتم تقسيم البحث إلى : مقدمة ، ثم تمهيد اختزل مکانة المرأ ة في شعر الصعاليک. و توزعت دراسة النصوص الشعرية على مبحثين: الأول ينطوي على مفهوم العذل وبنيته الحوارية ؛ في حين تفرد العذل الأنثوي بالمبحث الثاني .ثم الخاتمة التي تضم نتائج البحث , تليها قائمة المصادر والمراجع. الخاتمة تتجلى قيمة هذا البحث بقدر ماتم استيعابه من تلک النصوص ، جعلنا نشعر بالفن الشعري وانفعالات الذات الشاعرة ، وبالتالي نعبر إلى أعماقها ، ونعيش الموقف بصوره المختلفة ، وفق تفسيراتنا المتعددة . فهذه التجربة العذلية التي مر بها الصعلوک أمامنا تولّدت مع کل صوت أنثوي ، وأحاطتنا بقدرة على استيعاب النص وتأويله .فکانت النتائج کالآتي : -حضور العاذلة في شعر الصعاليک ليس حضورا حقيقيا محضا؛ بل کان مفتعلا لاستجلاء کوامن الذات ومکنوناتها. وبذلک فإن النص العذلي عند الصعاليک يعد إطارا لتفريغ الدلالات الرمزية ، و مجالا خصبا للدراسات النقدية. -المرأة العاذلة في شعر الصعاليک ذات حضور متناقض ؛ حين نجدها عاذلة مرهقة تخشى عليه الموت ،وتلومه على انتهاج الصعلکة . تتبدى حينا آخر في صورة مضادة للمألوف ؛ عاذلة متجاوبة مع ذات الصعلوک ، ومنساقة لرغباته في التصعلک ، تلومه على على قعوده وتراخيه !. هذا التناقض يشي بحقيقة الصراع الذي يعانيه الصعلوک بين مايوده وما يخشاه. - حظيت العاذلة الزوج بنصيب وافر من عناية عروة بن الورد ، فتجلت في قصائده : موقدة لثورته ومثيرة لأشجانه ؛ معلنة عبر حضورها عن قلقه المستمر تجاه الصعلکة. - قدمت نصوص الصعاليک العذلية صورة جلية عن بطولاتهم . - أدارت المرأة العاذلة دفة الحوار ؛ لذا يمکننا القول : أن النصوص العذلية نصوص حوارية .
الحارثي, مريم حسين. (2019). العــــــاذلــــة (قراءة في شعر الصعاليک من العصر الجاهلي حتى نهاية العصر الأموي). مجلة البحث العلمي في الآداب, 20(العدد العشرون الجزء الثالث), 401-430. doi: 10.21608/jssa.2019.42712
MLA
مريم حسين الحارثي. "العــــــاذلــــة (قراءة في شعر الصعاليک من العصر الجاهلي حتى نهاية العصر الأموي)". مجلة البحث العلمي في الآداب, 20, العدد العشرون الجزء الثالث, 2019, 401-430. doi: 10.21608/jssa.2019.42712
HARVARD
الحارثي, مريم حسين. (2019). 'العــــــاذلــــة (قراءة في شعر الصعاليک من العصر الجاهلي حتى نهاية العصر الأموي)', مجلة البحث العلمي في الآداب, 20(العدد العشرون الجزء الثالث), pp. 401-430. doi: 10.21608/jssa.2019.42712
VANCOUVER
الحارثي, مريم حسين. العــــــاذلــــة (قراءة في شعر الصعاليک من العصر الجاهلي حتى نهاية العصر الأموي). مجلة البحث العلمي في الآداب, 2019; 20(العدد العشرون الجزء الثالث): 401-430. doi: 10.21608/jssa.2019.42712