العلوم النقلية والإنسانية فى مدينة بست في الفترة من (30 – 618 هـ /650 – 1221 م )

ملخص البحث
      کانت الدراسات القرآنية من الميادين التي إتجهت إليها عناية العلماء في بست ، خاصة في القرون الثالث والرابع والخامس الهجريين / التاسع والعاشر والحادي عشر الميلاديين ؛ ففي هذه المرحلة نضجت نظريات العلماء في إعجاز القرآن ، وتحددت إتجاهاتهم في الکشف عن أسراره ؛ لأن القرآن الکريم قد أخذ مکان الصدارة في الدراسات الأدبية والنقدية ، لکونه وحي السماء وأساس التشريع والقانون المنظم للسلوک الإجتماعي والسياسي .
      کما نهض العلماء بالدراسات القرآنية ، وأخذوا من الدراسات السابقة وأضافوا إليها ، فظهرت علوم آخري ، منها علم التفسير ، ونبغ کثير من العلماء فيه ، وکان لمؤلفاتهم العلمية دور کبير في إزدهار علم التفسير داخل بست وخارجها .
      کما حظيت علوم الحديث باهتمام السواد الأعظم من علماء بست ، فشارکوا في مراحل تدوينه ، وإهتموا بحفظ الحديث النبوي وروايته .
      يمکننا القول أن مجال الفقه أيضاً حصل علي اهتمام العلماء ونبغ فيه عدد کبير منهم ، خدموا العلم باجتهادهم في مسائله ، فنشطت مجالس الفقه وحلقاته ، ودارت بين علمائه المناظرات ، وألفوا في أبوابه مؤلفات ، شملت : الفقه وأصوله ، والخلاف بين المذاهب وغيرها .
      أما علوم اللغة فقد ازدهرت في بست ، وتحول أهلها من الفرس إلي علماء بارعين في اللغة العربية ، فعرفوا أسرارها ، ودقائق تراکيبها ، وعملوا علي نشرها ، فضعفت أمامها اللغة الفارسية ، کما ظهر تأثير الأدب العربي في الأدب الفارسي ، وبعد ظهور الدويلات المستقلة ، بدأ ظهور التنافس الشديد بين الحکام في هذه الأقاليم والتقرب إلي الخلافة ، الأمر الذي جعل السلاطين والأمراء يظهرون إهتمامهم باللغة العربية وآدابها .
      کما لقيت العلوم الإنسانية ومنها : علم التاريخ إهتماماً کبيراً في بست ، وبرز فيه عدد من المؤرخين  کان لهم نتاج علمي غزير ، متعدد ومتنوع ، شمل معظم مجالات الکتابة التاريخية ؛ کالسيرة النبوية والأنساب والتراجم والطبقات والتاريخ العام .
      حظي علم الجغرافيا باهتمام علماء بست ، ونبغوا فيه ، ومنهم من تنقل بين البلاد الإسلامية ، ثم عادوا إلي بست ، وصنفوا بها کتب قيمة ، کما برع علماء بست في الفلسفة والمنطق وترجموا کتب السريان واليونان والفرس والهنود .