بلاغة المزج الضمائري في الشعر الوطني عند الشاعر/ عبد الرحيم زلط

تعد الضمائر من أهم الأدوات الفنية التي يعمد إليها الشاعر ليعبر عن تجربته الشعرية لکي يضفي بعضًا من الحيوية والحرکة على الأداء الشعري، ويريد الشاعر بذلک کسر حاجز الملل والرتابة في الأداء فيلجأ إلى الاثارة والتشويق بتوظيف المزج الضمائري.
فالضمير يحل محل الاسم العائد له، من حيث إنه يغني "عن ذکر الاسم ويقوم مقامه"([1])، فيصبح الکلام حينئذ غير مباشر ولکنه يدل على المباشرة بالتعويض بالضمائر، وهذا التعويض يزيد من الإثارة لترقب ما هو آتٍ وعلى الأخص عندما تستخدم الضمائر بنهج تبادلي، ذلک أن الضمير يعطى دلالة الحضور أو دلالة الغياب فهو "لا يستقل بالمعنى أبدًا، وإنما يقوم بأداء مهمته الإنتاجية عند حضور المرجع"([2]).
وحين يجد المتلقي ضميرًا في النص الشعري فإن ذلک يدفعه للقيام بالبحث في معنى النص حتى يجد ما هو غائب، ويزيد هذا من قيمة اللغة الشعرية في النص.
وتتنوع صيغ الضمائر؛ فمنها ما هو (متکلم، ومنها ما هو مخاطب، ومنها ما هو غائب)، وأيضا منها ما يشير إلى (الإفراد، أو إلى التثنية، أو إلى الجمع)، ومنها ما هو (متصل، أو منفصل).
وهنا تکمن براعة الشاعر وإبداعه في حسن توظيف الضمائر بحسب الدلالة المراد التعبير عنها في جوهر المعنى العام المراد لنصه الشعري مما يلفت انتباه المتلقي ويجذبه إليه.
ويهدف هذا البحث إلى بيان بلاغة استخدام الشاعر للضمائر بنهج تبادلي، أي أنه يختار ضميراً معيناً في نصه الأدبي، ثم يتنقل منه إلى ضمير آخر عائد على الشيء نفسه ليساعده في التعبير عن رؤيته الفنية وهدفه العام من القصيدة.
فالتنقل والتبادل بين الضمائر يُعد التفاتًا، ومن صوره "التحول من التکلم إلى الخطاب إلى الغيبة، والتحول من الخطاب إلى التکلم أو إلى الغيبة، وکذلک التحول من الغيبة إلى التکلم أو إلى الخطاب"([3]).
ومن منطلق هذه الفکرة يمکن دراسة الجانب الوطني عند الشاعر "عبدالرحيم زلط" بالتحليل لإبراز قضاياه وتوضيح دلالته الفنية والمعاني التي يعبر بها بضمائر مختلفة في نصه الشعري بنهج تبادلي. وقد برز ذلک في صور فنية تضمنها ذلک البحث وهي (المزج بين ضمير الغائب وضمير المخاطب، والمزج بين ضمير المتکلم والمخاطب، والمزج بين ضمير الغائب وضمير المتکلم، والمزج بين ضمير المتکلم وضمير الغائب).



([1]) حلمى محمد عبدالهادى:الهادى فى قواعد اللغة العربية- دار الفکرالعربي 1987 ص37.


([2]) د محمد عبدالمطلب –مناورات شعرية- دارالشروق-ط1- 1996م ص 16


([3]) - د فتح الله أحمد سليمان –الأسلوبية مدخل نظرى دراسة وتطبيق - مکتبة الأداب 2004،ص229.