التاريخ الحضاري لمصر: دراسات بينية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية البنات - جامعة عين شمس

المستخلص

هذه الورقة تقدم  رؤية لتكامل منهجي  في دراسة التاريخ الحضاري لمصر، تجمع بين مقاربات الأنثروبولوجيا والآثار والتاريخ وعلم النفس التحليلي، حيث إنه من خلال المقاربات البينية يمكن  أن نبني رؤية  تربط الماضي بالحاضر والمستقبل؛ فعندما ندرس الماضي من منظور الحاضر، نستطيع أن ننطلق إلى المستقبل دون أن نفقد هويتنا الحضارية التي امتدت عبر العصور وتأكدت ملامحها من خلال لحظات تاريخية فارقة[i]، كما عبرت عن نفسها في الفنون التشكيلية التي عكس الكثير منها المخزون الثقافي التحتي غير الظاهر والذي أطلق عليه كارل يونج "اللاوعي الجمعي". وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها مصر والتي عملت على تغييب هذه الشخصية، ولكنها تحضر دائما في المواقف الصعبة، في العصر القديم والعصر الحديث. 
وتعتبر هذه الورقة تمهيدا من أجل إنشاء برنامج دراسي غير مسبوق يستحضر الرؤية التي جعلت مصر بداية لتغير نوعي في تاريخ الإنسانية. وإذا كان علم الآثار يوفر المعلومات الضرورية الأساسية، فإن الأنثروبولوجيا التأويلية  تفسر وتشرح وتحلل هذه المعلومات، فهي تبحث في الجوانب الثقافية والبنية العقلية التي خلقت نقلة نوعية في تاريخ الإنسانية، ويرتبط التاريخ بالأنثروبولوجيا، حيث الدراسات التاريخية تقدم الإطار السياسي والاجتماعي لتطور المجتمع، بينما تحلل الأنثروبولوجيا البناء العقلي والتفاعل الثقافي مع المتغيرات السياسية والاجتماعية، وتأثير هذا التفاعل على مقاومة عوامل التغريب، ثم أخيرا وليس آخرا فإن هذه العلاقات البينية في دراسة التاريخ الحضاري، تكتمل بعلم النفس التحليلي الذي يعالج اللاوعي الجمعي التاريخي، والأنماط القديمة التي تجمع المنتج الحضاري وتعطي له شخصيته  عبر التاريخ.  رؤية هذا التكامل المنهجي ثمرة لبحوث في المجالات المطروحة لسنوات طويلة، تم خلالها تعليم ذاتي لعلم النفس التحليلي وتقديم أوراق ومحاضرات لمركز البحوث والدراسات في علم النفس العميق في سويسرا،  والإشراف على برامج ثقافية وتنفيذها في مشروعات ثقافية تبنتها مؤسسة البناء الإنساني والتنمية على مدى أكثر من عشر سنوات
 
[i]  الشخصية القومية تعزز الانتماء الى الجنس أو اللغة بينما الشخصية الحضارية تعكس الصفات التي تجعل أي إنسان في أي مكان وعلى أي أرض يشعر بالانتماء لقيم إنسانية تخرجه من إطار التعصب لقومه، إلى رحابة الرؤية الشاملة لمعنى وجوده الإنساني.

الكلمات الرئيسية