قراءة جديدة لفلسفة هيراقليطس (ت/ ق5ق.م)، في ضوء تصور الحداثة السائلة عند زيجمونت باومان (ت/2017) دراسة تحليلية نقدية مقارنة في الأصول اليونانية للحداثة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الفلسفة اليونانية کلية التربية - جامعة الإسکندرية

المستخلص

     لقد استطاع الموقف الفلسفي، في جميع الحقب الزمنية، أن يحلل الطبيعة البشرية في علاقاتها الثقافية، خاصة ما يتعلق بقضايا الذات، والحداثة، والأيديولوجيا، وسائر الموضوعات التي تلامس الواقع الاجتماعي، کالهوية، والانتماء، والتقنية، وغيرها . وإذا کان هناک من رابط بين کل هذه الموضوعات، فهو همّ التساؤل عن سمات الحداثة Modernity  الفکرية، والاجتماعية، ومحاولات الاقتراب من هذا الواقع الجديد بمنظور شمولي . إلا أنه من العسير تطويق معني الحداثة، خاصة إذا حاولنا الإجابة عن السؤال التالي : هل انتقلنا بالفعل من عصر الحداثة، إلي عصر ما بعد الحداثة ؟ وهل يوجد، أصلاً، ما يُسمي بعصر (ما بعد الحداثة) ؟ أم أننا انتقلنا بعد الحداثة إلي مرحلة أخري، تُسمي: (الحداثة السائلة) ؟ لقد أجاب الفيلسوف، وعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان Zygmunt Bauman (1925 - 2017) عن هذا التساؤل بقوله : "إن ما کنا نسميه (خطأ) ما بعد الحداثة، وما قررت أن أسميه بوضوح (الحداثة السائلة) إنما هو الإيمان المتناهي بأن التغير هو الثبات الوحيد، وأن اللايقين هو اليقين الوحيد" فأنماط الحياة الحديثة الحالية، تتشابه، في طبيعتها الهشة العابرة، وقابليتها للتغير الدائم . ومن ثم، فإن باومان يقترب من الحداثة في صورتها الحياتية، التي تعبر عن عالم (السيلان المستمر)، و(الصيرورة الدائمة). إلا أن "باومان" لم يکن أول من قال (بالسيولة)؛ فمن المعروف أن الفکرة الرئيسة في فلسفة الفيلسوف اليوناني هيراقليطس Heraclitus (ق5 ق.م)، القول (بالسيلان)، وهو الإيمان بالتغير کقانون ثابت للوجود بأسره.
- إشکالية البحث : تکمن إشکالية البحث، بصورة رئيسة، في إعادة قراءة فلسفة "هيراقليطس" بصورة معاصرة، في ضوء تصور "زيجمونت باومان" للحداثة السائلة، بحيث يمکننا الوقوف علي أهم الأفکار الفلسفية التي تضمنها النص اليوناني، والتي تعد أصلاً، رئيساً، من الأصول اليونانية للحداثة .
- المنهج المستخدم : استخدمت في إعداد هذا البحث بعض مناهج البحث المختلفة: کالمنهج التاريخي؛ وذلک لتتبع فکرة الصيرورة عند هيراقليطس، والمنهج التحليلي؛ وذلک للوقوف علي تحليل النصوص الفلسفية، لکل من هيراقليطس، وباومان. والمنهجين: النقدي، والمقارن؛ وذلک للوقوف علي أوجه الاختلاف والتقارب بين تصور کل من هيراقليطس، وباومان لفکرة السيولة .