أَثَرُ التَّخْمِيسِ في البِنَاءِ العَرُوضِي وَالمُوسِيقِي لِلامِيَّةِ ابْنِ الوَرْدِي في الحِکَمِ وَالآدَابِ

أحمدُ الله على توفيقه وإنعامه، وعلى تيسيره وفضله، وأصلِّي وأسلمُ على خاتمِ رسلِهِ وأنبيائِهِ، وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وأتباعِهِ، ومن نِعَمِهِ ــ عزَّ وجلَّ ــ أنْ هدانا إلى العلم النافع تعلُّمًا وتعليمًا، نسألُه ــ تعالى ــ أنْ يزيدَنا هدًى وإخلاصًا وتوفيقًا، وبعد،،،
فإنَّ مِنْ ألطف ما قرأت عن ابن الوردي قصيدة له اشتهرت بلامية ابن الوردي، وقد وجدتُ اهتمامًا لها کبيرًا بين العلماء، فضلا عن الاهتمام بالديوان کلِّه شرحًا وتعليقًا وتعريفًا وتصنيفًا، وغير ذلک من المؤلفات المتصلة بهذا المؤدب الکبير؛ الذي أدرک القرنين السابع والثامن الهجريين.
ومن أهم مظاهر الاهتمام بهذه القصيدة المشهورة أنني وجدت کثيرًا من العلماء قد وقف أمامها إعرابًا وتفسيرًا وشرحًا وتوجيهًا وتخميسًا وتحشيةً وتعليقًا، وغير ذلک من مظاهر الاهتمام العلمي بها، وقد دفعني فضولي إلى دراسة هذه القصيدة دراسة عروضية ــ لا سيما ــ أنَّني وجدتُّ الأدباء والعلماء قد وقفوا أمامها؛ فَخَمَّسُوا أبياتها، وشرحوا معانيها، وفسروا غوامضها، وأبانوا مشکلها، وقد جاءت هذه القصيدة على بحر الرمل مملوءة بالحکم والمواعظ التي تلخص تجربة ابن الوردي الحياتية.
وهذه القصيدة معروفة برويِّها؛ المبني على حرف اللام، وهي تقع في واحدٍ وثمانين بيتًا ــ في أشهر رواياتها ــ على بحر الرَّمَل في صورة عروضه وضربه المحذوفين، وهي مملوءة بالحکم والمواعظ، کتبها ابن الوردي لابنه يوصيه فيها عند مماته، وقد اهتم بها کثيرٌ من الأدباء واللغويين والنُّحاة، کما تناولها عدد من الأدباء بالتخميس، وهو جعل ثلاثة أشطر قبل صدر کل بيت، بشرط أنْ تَجْرِيَ هذه الأشطر على صدر البيت وزنًا وقافيةً، ومن هنا کانت الحاجة ــ من وجهة نظر الباحث ــ إلى دراسة هذه القصيدة، وتوضيح أثر هذا التخميس على البناء العروضي والموسيقي لهذه القصيدة وزنًا وقافيةً، فجاء عنوان البحث: "أثر التخميس في البناء العروضي والموسيقي للامية ابن الوردي(ت:749هـ)"، غير أنَّه من الضروري قبل القطف من بساتين هذه القصيدة خلال هذه الدراسة العروضية أنْ نقدم تمهيًدا نُعَرِّفُ فيه بابن الوردي وآثاره، وبالقصيدة موضوع الدراسة، وبشروحها ومخمساتها، کما نتعرض فيه لما سيرد في الدراسة من مصطلحات عروضية جديدة، والله ــ وحده ــ واهب التوفيق والسداد.