نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
قسم الاجتماع - کلية البنات - جامعة عين شمس
المستخلص
شغلت صورة المرأة حيزاً کبيراً من اهتمام السينما العالمية عامة والسينما المصرية علي وجه الخصوص منذ وقت مبکر , فقدمت السينما منذ بدايتها استحضار لنموذج المراة وتجسيد لعالمها الخاص وکينونتها بصورة مختلفة تماما عن صورة الرجل الذي يعد مثالاً للقوي البدنية والعقلية وهو المحرک الرئيس للأحداث , وطرحت علي الوجه الأخر المرأة بشکل سلبي وثانوي . وعلي هذا الأساس , تم طرح المرأة في السينما من جانبان , الجانب الأول : صورتها التي احتلتها الأفلام السينمائية والجانب الأخر المرأة کموضوع سينمائي , وصورتها تعد انعکاساً لدورها الثانوي في المجتمع التي عبرت عنها الرائدات المصريات کعزيزة أمير وفاطمة رشدي وبهيجة حافظ باقتحامهن تجارب النتاج والاخراج والتمثيل , وعلي الرغم من ابداع المصريات في مجال العمل السينمائي , ولکن الموضوع السينمائي للمرأة أبتعد عن المراة المبدعة وصاغ علاقتها الشائکة مع الرجل ولم يسلط الضوء علي قضاياها ومشاکلها . [1]
استمرت السينما حتي سبعنيات القرن العشرين في تقديم نموذج العلاقة التقليدية بين الرجل والمرأة من خلال عرض صورة المرأة الخاصة بالسلطة الابوية في کل صورها (الزوج , الاب , الاخ , الابن , الصديق , المدير, الحماه) باستثناء بعض الاعمال التي حاولت أن تخرج من هذا الاطار , وتدعو النساء لمواجهه هذه السلطة مثل : الباب المفتوح , مراتي مدير عام , لاعزاء للسيدات , وغيرها من الافلام . ورغم کل ذلک لم تستطيع السينما المصرية أن ترسم أدوار نسائية بناءة , ولکن جسدتها بصورة فاتنة و مثيرة , واستغلت جسد المرأة لتحقيق أرباح مادية , ونحو سرد ممتع للنص السينمائي . فلذلک يمکننا القول أن أدوار المرأة الحقيقية متناسية عمدا , ومترکزة علي الاثارة والجنس , وابتعدت کل البعد عن صورة المرأة القوية الحرة القادرة علي التحدي المجتمعي ومواجهة الأزمات , وانضمامها للقوة العاملة والحرکة الوطنية أيضا (المکانة الحقيقية للمرأة المصرية).
أما سبعنيات القرن العشرين , شهد اهتمام النسوية بالسينما للکشف عن الأسباب وراء تشويه صورة المرأة في الأفلام , واتفقت رغم اختلاف توجهاتها علي أن أهم هذه الاسباب هو سيادة السلطة الذکورية patriarchy في تقديم واقع مناقض للصورة الحقيقية للمرأة , وأکدوا علي انحياز أعمال المخرجين الذکور لتقديم الانثي المفعمة بالاثارة والجاذبية , ولذلک نادت بتقديم سينما بديلة تهتم بتناول أدوار المرأة الواقعية , وعرض مشاعرها ومشاکلها بدون تحيز , وذلک لايمانهم أن السينما هي النموذج الأمثل الذي يتيح معطي شامل عن المرأة بشکل وهمي بما تصنعه السينما من عناصر التشويق والجاذبية التي تستطيع أن تبرز معان زائفة للواقع المعاش , وبالتالي تتغاضي عن معاناة المرأة وشکواها والأشارة الي أن کل أمال المرأة تتوقف عند استمتاعها بنيل حياة اسرية ناجحة متوقفة علي الابناء والزوج بعيداً عن طموحاتها الشخصية , وترجع أيضا أهميتها في تشکيل خطورة هذه الصورة لما تشکله من أنطباع ذهني للمشاهدين نظرا لتکرار بثها وبناء خبرات تخترق عقائد الافراد وعواطفهم . وهي تعد سلاح ذو حدين لانها أيضا أداة فعالة اذا استخدمت في أرساء الوعي الصحيح للمرأة ومحاربة السلوکيات التي يسعي المجتمع لتغييرها , فلابد أن تتناول الأفلام السينمائية قضايا المرأة بشکل تنموي لان هذا يساهم في تشکيل رآي عام لتغيير مناهج الفکر والانماط السلوکية للفرد والمجتمع .
وقد قامت الدراسة من ذلک المنطلق عن طريق أختيار المرأة المخرجة لشرح کيف عرضت قضاياها بوصفها عنصراً أساسياً في سيناريو الأفلام , وبالتالي تشارک في فعاليات رسم دورها داخلها وليس فقط مجرد مادة مستخدمة في الافلام , منذ بدايتها بفيلم" ليلي " لعزيزة أمير التي تعد رائدة صناعة السينما المصرية , ومجموعة أخري من النساء أکدن علي وضع المرأة البارز في التواجد الأولي للسينما وأشترکن بجد ونجاح في قيادة هذا العمل الفني , وقد دل علي ذلک قول أمير الشعراء (أحمد شوقي) لعزيزة أمير " لقد نجحت في ماعجز عنه الرجال " , وعلي الرغم من دخول النساء عالم السينما في وقت مبکر کمخرجات , الا أنهن أيضا اتخذن نفس النموذج الذي قدمه الرجال لعالم المرأة ووصفها في المجتمع . ولکن لا يمکننا أن نشير أن أفلام المرأة لم تهتم بصورة المرأة ولکنها حشدت نفس الصور التي کونها الرجل بالفعل داخل أفکارهن قبل أن تکون علي شريط سينمائي .
[1] امل الجمل , المراة کفاعل ومفعول به في السينما المصرية , ومن وجهه نظر مقابلة : سينما المراة کما صنعها الرجال , مجلة السينما العربية ,العدد 2 , ربيع 2015
الكلمات الرئيسية