المدرکات الحسية والتصورات العقلية في التجريبية الراديکاليةعند وليم جيمس

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

1 la faculté de jeunes filles- Université Ain-Shams- Département de langue et de littérature françaises

2 کلية الآداب والعلوم الانسانية-جامعة صنعاء

المستخلص

عرفت البراجماتية بأنها أنزلت الحکمة من إطار التفکير النظري المجرد الى ميادين الحياة العملية, بما أحدثته من تغيير هائل في طبيعة المشکلات  الميتافيزيقية التقليدية .مستندة في ذلک الى أهمية التجربة وقيمة النتائج المثمرة في حياة الانسان, بعيدا عن أي وثوقيه أو عقائد قطعية جازمة. و تعد فلسفة "وليم جيمس"*التي أطلق عليها مسمى "التجريبية الراديکالية" إضافة نوعية لملامح التيار البراجماتي , سعى من خلالها الى إقامة علاقة وثيقة بين الميتافيزيقا والعلم, تقوم على التعاون وتعيد الفلسفة الى معترک الحياة العملية .وقد أدى موقفه هذا الى إثارة الخلاف بينه وبين بيرس* ,الذي احتج على توسعه في تطبيق المنهج البراجماتي ,لأنه أراد بناء صرح فلسفة علمية تستخدم المنهج بوصفه قاعدة منطقية - تکون فيه أفکارنا واضحة بما تحققه من نتائج لا تتجاوز نطاق الخبرة الحسية -بينما کان غرض جيمس إيجاد صدقاً فلسفياً يمکنه من تبرير الاعتقادات المفارقة للتجربة دون أن يتخلى عن العلم .مما دفع بيرس الى إعلان اختلاف مذهبيهما, وکان رد جيمس عليه :"..أن فلسفته التجريبية الراديکالية مذهب قائم بذاته, ولا يحتاج الى سند ,وفي وسع المرء أن ينبذه کليا, ومع ذلک لايزال براجماتيا."[1]وقد ساهم مصطلح راديکالية الذي ميز به جيمس فلسفته عن التجريبية التي سادت الفکر الفلسفي الحديث, في إثارة التساؤلات حول المعنى الذي قصده في فلسفته وما الغرض منه.
تستند فلسفة جيمس التجريبية الى رؤية تعددية للعالم وترى أهمية المدرکات الحسية بوصفها عالم من الخبرة الخالصة التي يتألف منها کل شيء. وتؤمن بالوجود الحقيقي للعلاقات. وإذا کانت التجريبية تستبعد سلطة المنطق النظرية فإن جيمس يؤکد على أهمية المفاهيم و التصورات  في إثراء وتوجيه الحياة الانسانية .ويقدم رؤية مختلفة لطبيعتها تربط بينها وبين الاحساسات على نحو وثيق .ويعرض جيمس في سياق فلسفته لرؤية جديدة لطبيعة الوعي ودوره, کما ناقشت فلسفته التجريبية طبيعة العلاقة بين الذات والموضوع ,وقدمت نظرية جديدة في الصدق. أما عن طبيعة نسقه الفلسفي وصلتة بالمنهج البراجماتي فقد أشار الى أن البراجماتيه أمدته بالمنهج وأن أخذه بالتعددية أمده بهندسة البناء ,بينما أعطته التجريبية الراديکالية مادة البناء.
اسباب اختيار موضوع الدراسة :
نالت البراجماتية حظا وافرا من البحث والتدقيق من خلال أبرز أعلامها -جيمس- الذي حظيت بعض کتبه بالترجمة الى اللغة العربية. إلا أن تکوين رؤية واضحة عن فلسفته ظلت غامضة نوعا ما؛ لأن بعض الدراسات عنه لم تعرض لفلسفته التجريبية*, والبعض منها مر عليها مرور الکرام .کما ساهم وجود تنوع في ترجمة مصطلحRadical, في عدم وضوح المقصود بها بدقة,

فنجد مثلا: د. يوسف کرم ,يترجمها بمعنى "البحتة " ,وترجمها د. محمود زيدان  "بالأصيلة "متفقا في ذلک مع ترجمة د. محمد فتحي الشنيطي لها, وترجمها د. فؤاد زکريا بمعنى "الجذرية". کما منح المصطلح ترجمات أخرى مثل: "خالصة", "متطرفة", بينما اکتفى البعض بتعريب المصطلح وکتابته کما هو الراديکالية*. بالإضافة الى أن وجود تنوع** في تعريف مفهوم التجريبية أدى الى إحداث نوع من الإرباک والغموض في إدراک ما قصده جيمس في تجريبيتة ومدى صلتها بالتجريبية التقليدية التي رسخت في الأذهان لفترة طويلة. وأخيرا لوحظ أن موقف جيمس من المدرکات الحسية والتصورات*** لم يکن محل اهتمام أغلب الدراسات التي عرضت لفلسفته مع استثناءات محدودة نجدها ضمن کتاب د. محمود فهمي زيدان, "وليم جيمس".
وتهدف هذه الدراسة الى توضيح رؤية  جيمس "للتجريبية الراديکالية", وما الذي تميزت به فلسفته ؟  ومعرفة موقفه تجاه المدرکات الحسية والمفاهيم أو التصورات العقلية, وما وجه الصلة بينهما ؟ وما موقفه من العقل ودوره ؟وماهي أوجه الاتفاق والاختلاف بينه وبين تجريبية جون لوک التي سادت الفکر الحديث؟ وهل تعد فلسفته التجريبية مبحثا في نظرية المعرفة أم لا ؟
وفي سياق الإجابة عن التساؤلات السابقة استخدم المنهج الوصفي والتحليلي الى جانب المنهج المقارن ,حسب ما تستدعيه طبيعة الدراسة. وقد شمل الموضوع عدد من المباحث : الأول بعنوان: الرؤية التجريبية في الفلسفة "جون لوک" و "وليم جيمس". و المبحث الثاني : موقف جيمس من المدرکات الحسية وأهميتها ,و المبحث الثالث: طبيعة المفاهيم العقلية ودورها , ويتضمن المبحث الرابع موقف جيمس من فکرة الثنائية ومفهوم الصدق بغرض الإلمام بوجهة نظره حول طبيعة العلاقة بين المدرکات الحسية والتصورات العقلية

الكلمات الرئيسية