القواعد الأصولية وتطبيقاتها الفقهية عند الإمام المازري من خلال کتابه شرح التلقين، قواعد الأمر نموذجًا

نوع المستند : المقالة الأصلية

المستخلص

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريک له ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام المتقين وقائد الغر المحجلين وبعد:
فإن علم الفقه من العلوم الجليلة التي ينبغي العمل على تحصيلها واکتسابها، إذ به تکون العبادات والمعاملات والأحکام صحيحة، موافقة لما جاء في القرآن الکريم والسنة الشريفة المطهرة، بل هو أشرف العلوم کما قال عنه الإمام الغزالي([1]) رحمه الله : (( إن أشرف العلوم ما أزدوج فيه العقل والسمع، واصطحب فيه الرأي والشرع، وعلم الفقه وأصوله من هذا القبيل، فإنه يأخذ من صفو الشرع والعقل وسواء السبيل، فلا هو تصرف بمحض العقول، بحيث لا يتلقاه الشرع بالقبول، ولا هو مبني على محض التقليد، الذي لا يشهد له العقل بالتأييد والتسديد؛ ولأجل شرف علم الفقه وسببه، وفّر الله دواعي الخلق على طلبه، وکان العلماء به أرفع العلماء مکاناً، وأجلهم شأناً وأکثرهم اتباعاً وأعواناً ))([2]).
ولذلک نوه الرسول عليه السلام بقيمة الفقه فقال: (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ))([3]).
ولما کان علم الفقه في ازدياد؛ إذ هو علم بأحکام حوادث لا تنحصر، فإن من عناية الله تبارک وتعالى أن ناط هذه الأحکام بدلائل، (( وربطها بأمارات ومخايل، ورشح طائفة ممن اصطفاهم لاستنباطها، ووفقهم لتدوينها بعد أخذها من مأخذها ومناطها، وکان لذلک قواعد کلية بها يتوصل، ومقدمات جامعة منها يتوسل أفردوا لذلک علما سموه: أصول الفقه، فجاء علما عظيم الخطر، ومحمود الأثر، يجمع إلى المعقول مشروعا، ويتضمن من علوم شتى أصولا وفروعا ))([4]).
فعلم أصول الفقه من آکد العلوم الشرعية، التي يعتبر تحصيلها والحفاظ عليها واجبا کفائيا على الأمة، لا تبرأ ذمتها إلا أن يوجد فيها علماء يفقهون الشريعة، ويرجع الناس إليهم في حل مشاکلهم والبث في قضاياهم الحياتية في ضوء شرع الله، بالقدر الذي تحصل به کفايتها في ذلک.
وقد تناول الإمام المازري في شرحه لکتاب التلقين للقاضي عبد الوهاب البغدادي الکثير من القواعد الأصولية في شتى فنون وفروع أصول الفقه.
ونظرا لأهمية هذه القواعد وکثرتها عند الإمام المازري، فقد رأيت أن يکون عنوان بحثي هذا:
 ( القواعد الأصولية وتطبيقاتها الفقهية عند الإمام المازري من خلال کتابه شرح التلقين، قواعد الأمر نموذجا ).
وقد اعتمدت في هـذا البحث على المنهـج الاستقرائي والتحليلي ومـن ثــم منهــج النقــد والمقارنــة والاستنتاج، کلما أمکنني ذلک، وأکثرت من النقل من کتاب شرح التلقين في کل موضع يحتاج إلى الاستشهاد، واقتصرت في ذلک على ثلاثة أمثلة، وقد أزيد عن ذلک أو أنقص، ولم أکتف بالإحالة فقط، بل کنت أذکر المسألة کاملة؛ حتى لا يضطر القارئ الکريم إلى الرجوع لکتاب شرح التلقين.

الكلمات الرئيسية