المشاهدة والمعاصرة فى التدوين التاريخى عند لسان الدين بن الخطيب (713 هـ / 1313م - 776هـ/ 1374م)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم التاريخ - کلية البنات - جامعة عين شمس

المستخلص

أثبتت الدراسة أن المشاهدة والمعاصرة، من المصادر التى أمدت ابن الخطيب، بمادة حسنة من الأخبار والأحداث والمشاهد. لهذا فإن ابن الخطيب يعتبر شاهد عصره فى الکثير من الأحداث التى يسجلها من واقع ما شاهد، بل من واقع ما شارک به وعاصره، ويتجلى ذلک فى حديثه عن شيوخه الذين تتلمذ عليهم، وعاين أحوالهم.
أثبتت الدراسة أن المادة التاريخية التى اعتمد عليها ابن الخطيب من واقع المشاهدة والمعاينة، جاءت مصطبغة بأحاسيسه وآرائه تجاه الحدث الذى يسجله، أو تجاه الشخصية التى يترجم لها. فعند ترجمته للسلطان محمد الخامس "الغنى بالله" - سلطانه الملازم له - يثنى عليه ويصفه بأحسن الصفات، وعلى الجانب الآخر، نجد حديثه عن السلطان محمد بن إسماعيل بن فرج وهو الذى جرت لابن الخطيب محنة قاسية على يديه، حيث اصطبغت لغة ابن الخطيب، بمشاعر البغض والکراهية الشديدة لهذا السلطان.
أثبتت الدراسة تنوع موارد ابن الخطيب فى کتاباته التاريخية، والتى تمثلت فى العيان والمشاهدة، حيث تهيأ لابن الخطيب بحکم عمله فى البلاط الغرناطى، فرصة کبيرة للحصول على المعلومات من منابعها الأصلية، الأمر الذى أضفى على علمه التاريخى ثقة ومصداقية، جعلته من أهم المصادر التى تؤرخ لبنى نصر فى هذه الفترة.
إن المعاينة تدل على منهج سليم من مناهج کتابة التاريخ، فالمؤرخ لا يکتفى بالسؤال والاستخبار فقط، بل يعاين ويشاهد المشاهد والآثار والمواقع على أرضها الأصلية - وهو ما فعله ابن الخطيب من تفقد للأماکن - حيث تمتزج هنا المعاينة بالمعرفة، فتتکون من ذلک الحقيقة التاريخية التى ينشدها المؤرخ.
وأخيراً فإنه يجب الحذر بشأن کتابات المؤرخين المعاصرين للأحداث، لأن لها عيوبا جسيمة بالرغم من مميزاتها، فقد تکون ستاراً يمنع المؤرخ من قول الحقيقة، ويغض بصره عن رؤية الأمور على وجهها الصحيح، تبعاً لاعتبارات تتصل بالتقرب إلى الحکام، ومصانعتهم، والخوف منهم، وتبعد المؤرخ عن العدالة، وتسکت لسانه عن النقد النزيه، والحکم الصحيح على الأشياء، حرصا منه على التقرب من ولاة الأمور.

الكلمات الرئيسية