من خلال هذا البحث يتضح لنا أنه لم يکن غرض ابن رشد تجميع المعرفة بدون ضوابط، بل تحصيل الأمور الکلية حاذفًا الآراء التى تعد غير ضرورية فى حصول الکمال الإنسانى، مميزًا بين القوانين التى تعتبر ضرورية فى الکمال مثل القوانين التى تستعمل فى صناعة البرهان.
يعتمد المنهج النقدى على القدرة التحليلية، والقدرة الجدلية، والرکون إلى أسلوب التهويل أو التشويش، وذلک بتکرار النقد الواحد على أکثر من صورة، وفى عدة أمکنة؛ لإظهار تهافتها بعد تشويشها، والاعتماد على المغالطة.
ــ ومن هنا فلم يکن النقد کاشفًا فقط لأفکار ومذاهب تجمدت وتحجرت فِى عصور سابقة ومعاصرة لابن رشد، بل وکاشفة أيضًا لأوجه من العقلانية العميقة عند هذا الفليسوف، ومنيرة لکثير من الأفکار الموجهة والمبادئ المتحررة التى نسعى إلى امتلاکها فِى عصرنا، فالنقد إذن هو التنوير الذى يعنى فِى نهاية التحليل تحريرًا لکل ما يصنعه الإنسان وإخضاعه لقدرته، التى تتکشف جميعًا حول العقل بوصفه معيارًا ودليلًا مرشدًا. ــ أشهر حجة قدمت على عقلانيته هى دعوته المشهورة لفصل الشريعة عن الحکمة. ــ من الدلائل القوية التى کان يستدل بها على عقلانية أبى الوليد فى مجال المعرفة: قوله: بأن العلم هو علم بالماهية.
ــ کان ابن رشد عقلانيًا؛ لأنه فيلسوف المتصل، سواء على مستوى الجوهر، أو على مستوى المقولات العرضية کالزمان والمکان والفعل.
ــ من علامات عقلانية ابن رشد: البحث عن الأول فى کل شىء، على مستوى العلل والمقولات والمحرکات والعقول والمواد؛ لضمان نظامها والمبدأ العلىّ فيها. ــ أهم إنجاز قام به ابن رشد فى نظرنا هو إرساء العقل النظرى فى قلب الشريعة. ــ اهتم ابن رشد بالعقل اهتمامًا بالغًا، فقد قسم العقل إلى عقل عملى وعقل نظرى. ــ يشير ابن رشد إلى وحدة العقلين قائلًا: "إن العلوم النظرية والصناعات العملية تنتمى لنفس الجنس الواحد، ولا يختلفان إلا بالشرف وبالتقديم والتأخير".
ــ بفضل نظرية التأويل المجازى ألَّف ابن رشد بين اللغة والمضمون فى تأويل النصوص
الدينية فى إطار البرهان العقلى.
ــ يعد ابن رشد صاحب أصرح اتجاه عقلى بدعوته إلى تحکيم العقل، باعتباره الدليل والحکم، وإعلاء کلمته فوق کل کلمة.