بعد أن عشت مع مفهوم الإنسان عند بديع الزمان النورسي، والذي تعرفت من خلاله على حقيقة الإنسان، وحقيقته هي کما أراده الله أن يکون، ذلک الإنسان الذي خضعت له کل الکائنات قاطبة بأمر إلهي. وهذا ما أدرکه النورسي من خلال رسائل النور، فکانت رسائل النور بمثابة الشعلة التي أضاءت للإنسان طريقه في ظل عتمة الماديات التي باعدت بينه وبين ذاته، وبينه وبين ربه. ويمکن تلخيص النتائج فيما يلي: أولاً: أولى النورسي للإنسان أهمية کبرى، لما له من قيمة عظمى، کُرِّم بها على سائر المخلوقات قاطبة؛ فقد جعله الله مرآة عاکسة لجميع تجليات الأسماء الحُسنى، وهوکما وصفه النورسي النموذج المصغر للصنعة المنتظمة في الکون. ثانيًا: وصف النورسي الإنسان بأنه العالم الأصغر في مقابل الکون العالم الأکبر، وقد وهبه الله استعدادًا جامعًا يستطيع من خلاله أن يدخل ميدان الامتحان، وهذا الامتحان هو الذي يؤهله إما للصعود أو للهبوط، فيکون دخوله النار هو عين العدالة، ودخوله الجنة هو فضل إلهي ومکرمة خالصة. ثالثًا: شبَّه النورسي الإنسان بالبذرة التي لديها استعداد، فإذا سُقِيت هذه البذرة بماء الإسلام، وغُذِيت بضياء الإيمان، فإنها تولد في عالم الآخر؛ حيث تجد في الجنة نعيمًا وکمالاً لا يُحد. رابعًا: شبَّهه أيضًا بالطفل الضعيف الذي في ضعفه وعجزه قدرة عظيمة، ولکن بشرط إدراک هذا العجز والضعف، واستنجاده بربه حتى تخضع له مقاصد وتتحقق له مآرب. خامسًا: الإنسان عنده أهل للخطاب الرباني، وسيکون کلامه حتمًا مع أکمل وأنقى وأرفع أخلاقًا من بني البشر، وهم الأنبياء والمتقين. سادسًا: بيَّن النورسي أن الخطاب الرباني موجه للعقل والقلب، ففيهم يکمن الإيمان والتوحيد، الذي هو سلسلة نورانية لا تنقطع، ونافذة وضَّاءة مطلة على الحقيقة. ومعرفة الله هي أعلى وسيلة تأخذ العقل والقلب لتلک الحياة الأبدية؛ ليفوز بالسعادة الأبدية. سابعًا: أفرد النورسي للإنسان ثلاث قوًى تتحکم في ضبطه واستقامته، وحدَّد هذه القوى بالشريعة؛ لأنها تنهى عن الإفراط والتفريط، وتأمر بالوسط الذي هو العدل، وهو مضمون الإسلام الصحيح وسماحته. ثامنًا: أورد النورسي للإيمان محاسن يسمو بها إلى أعلى عليين؛ فالإيمان يظهر کمال الصنعة الکامنة في الإنسان وبه يتحول إلى مرتبة أسمى من المخلوقات جميعًا. تاسعًا: يکتمل إيمان الإنسان عند النورسي بالتعلم، أي بالترقي عن طريق کسب العلم والمعرفة، وعن طريق العبودية بالدعاء، وأساس کل العلوم الحقيقية ونورها وروحها هو معرفة الله. عاشرًا: أوضح النورسي الارتباط الوثيق بين الروح والجسد، فاجتماعهما يمثل سر الحياة، ويظهر کمال القدرة الإلهية التي تجلت باجتماع الضِّدَّين في الإنسان، فهي سر الحياة والإحساس والحرکة والتعقل، کما أن النفس لا تفنى بفناء الجسد. أحد عشر: الوجدان عند النورسي في جذب وانجذاب إلى حقيقة أبدية عليا، فهو الضمير أو العقلانية التي تدعونا إلى ضبط تصرفاتنا الأخلاقية، فهو محکمة کامنة في الإنسان، تعينه على ما يواجه في الحياة، شريطة أن تکون هذه المواجهة ضمن مرتَکَز يرتکِز عليه، وهو الله –سبحانه-. اثنا عشر: أما أجل الإنسان فقد جاء متضمّنًا وفق حکمة إلهية، ألا وهي الإخفاء، أوردها النورسي مبيِّنًا أن الإخفاء محافظة على التوازن المطلوب بين الدنيا والآخرة، فيکون قلب الإنسان معلقًا بين الخوف والرجاء.
شبايک, سها عبد المنعم منصور شبايک. (2015). الإنسان في فکر بديع الزمان سعيد النورسي. مجلة البحث العلمي في الآداب, 16(4), 1-33. doi: 10.21608/jssa.2018.12892
MLA
سها عبد المنعم منصور شبايک عبد المنعم شبايک. "الإنسان في فکر بديع الزمان سعيد النورسي", مجلة البحث العلمي في الآداب, 16, 4, 2015, 1-33. doi: 10.21608/jssa.2018.12892
HARVARD
شبايک, سها عبد المنعم منصور شبايک. (2015). 'الإنسان في فکر بديع الزمان سعيد النورسي', مجلة البحث العلمي في الآداب, 16(4), pp. 1-33. doi: 10.21608/jssa.2018.12892
VANCOUVER
شبايک, سها عبد المنعم منصور شبايک. الإنسان في فکر بديع الزمان سعيد النورسي. مجلة البحث العلمي في الآداب, 2015; 16(4): 1-33. doi: 10.21608/jssa.2018.12892