مفهوم الرجولة کما تعکسه تنشئة الأم لأبنائها في المجتمع المصري دراسة سوسيو أنثروبولوجية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الاجتماع - کلية البنات جامعة عين شمس

المستخلص

يُعتبَر کل من المرأة والرجل کياناً إنسانياً واجتماعياً لا يکتمل أحدهما دون الآخر. ويتطلب فهم قضايا کل منهما إيماناً جمعياً بعبثية التضاد والتصارع بينهما. ومن هذا المُنطلق، وعلى غرار الاهتمام المتزايد بالمرأة وحقوقها وقضاياها، تبرز أهمية التراث الإنساني المکتوب قضاياه الرجل أيضاً، وهو ما تسعى إليه الدراسة الحالية، من خلال تقصّي مدلول الرجولة باعتباره مفهوماً جديراً بالفهم المتعمق، وأيضاً بوصفه إشکالية تستلزم التأمل المستند إلى رؤية علمية وسياقية. ومن هذا المنطلق تنهض الدراسة الحالية على قراءة تحليلية للآليات الثقافية والاجتماعية والنفسية التي "تُصنَع" من خلالها الرجولة، وتختص منها بالدور الذي تلعبه تنشئة الأم المصرية في صناعة الرجولة.
          ومن جانب آخر، تعتبر الدراسة الحالية محاولةلرأب الصدع في مجال العلوم الاجتماعية فيما يتعلق بدراسات الرجل والرجولة،حديثة العهد نسبياً في مصر؛ حيث تتناول الدراسة مفهوم "الرجولة" بوصفه بناء اجتماعياً- ثقافياً، ونتاجاً لديناميات تفاعل الفرد مع مؤسسات وعوامل التنشئة الاجتماعية وعلى رأسها تنشئة الأم. کما تحاول الدراسة استجلاء طبيعة هذا المفهوم الذي طالما جرى التعاطي معه کمفهوم ثابت ومفروغ منه، وليس کإشکالية تستدعي التأمل الناقد، في الحين الذي نفتقر فيه إلى تعريف يتفق مع خصوصية سياق المجتمع المصري الحضري باختلاف أبعاده الاجتماعية والثقافية.
          وتتحدد طبيعة الدراسة الراهنة بکونها تنتمي إلى الدراسات السوسيو-أنثروبولوجية، التي تهتم بدراسة دور الأم صاحبة المکانة المرموقة ضمن المجال الخاص (الأسرة) في المجتمع المصري. فهي أول من يستدمج منه رؤيته للعالم من حوله، وأهم من يکتسب منه صورة الذات و"الآخر" (المرأة) لدى الرجل.
وقد اعتمدت الدراسة من الناحية النظرية على رؤية تذوب فيها الفوارق بين الميادين العلمية والحقول المعرفية المختلفة، وعدد من المناهج البحثية الميدانية الکيفية، شملت المنهج الأنثروبولوجي، ودراسة الحالة، ومنهج التحليل الفينومينولوجي التأويلي، بهدف الکشف عن عدد من المفاهيم، وعلى رأسها مفهوم "الرجولة" سهامن منظور المرأة والرجل في المجتمع المصري الحضري (القاهرة الکبرى)، ممثلاً في مجتمع بحثي روعيت فيه الأبعاد الاجتماعية والثقافية والطبقية والنوعية. کما سعت الدراسة لمناقشة أسباب وتبعات ما يطلق عليه "أزمة الرجولة"، مع السعي لاستکشاف إذا ما کان للأم دور في هذه الأزمة. وتبرز في هذا المقام أهمية التطرق إلى قضية تکريس الأم المصرية للقهر من خلال إعادة إنتاج الموروث الثقافي التقليدي في بعض قطاعات المجتمع، ومن ذلک تمجيد قيمة الذکورة، وقهر المرأة ومن هم أقل حظاً وغير ذلک. ومن هذا المنطلق، رکزت الدراسة الراهنة على دور الأم في إعادة إنتاج تخليد الثقافة الأبوية وإعادة إنتاج القهر، والتي تتفق مع مبحث أسمته الباحثة "تأنيث القهر" تطرحه الدراسة الراهنة لأول مرة، حسب علم الباحثة.
 
          وتلخيصاً لما سبق، تنطلق الدراسة الحالية من رغبة الباحثة في التعرف على العلاقة بين "الرجولة" والتنشئة الاجتماعية والثقافية في المجتمع المصري، مع الترکيز على تأثير تنشئة الأم في "صناعة" الرجال وإنتاج أزمات الرجولة، وترسيخ الموروثات والمعايير والأفعال الاجتماعية ذات الصلة بالرجولة، وعلى رؤية الرجل لذاته وللمرأة. يتمحور موضوع البحث الحالي حول دور الأم في "صناعة" الرجل الرجل في المجتمع المصري الحضري، عن طريق التنشئة. ولکي يتضح موقع الدراسة بالنسبة للدراسات السابقة، وانطلاقاً من الحداثة النسبية لدراسات الرجولة في مصر بصفة خاصة وفي العالم العربي بشکل عام، کان من الضروري تقديم هذا المجال العلمي الذي تندرج ضمنه الدراسة. لذا، يبدأ البحث بتقديم لمحة تعريفية عن "الدراسات النقدية للرجل والرجولة" critical studies of men and masculinityونشأة وتطور هذا الفرع المعرفي الهام. ثم تناقش الباحثة الحاجة إلى المزيد من هذه الدراسات في مکتبة العلوم الاجتماعية في مصر.کما يشير البحث إلى البناء الاجتماعي للرجولة، مع التطرق إلى أثر تنشئة الأم في هذا البناء. ومن ناحية أخرى، يتناول البحث الرجولة باعتبارها إشکالية تنطوي على عدد من الأزمات التي تتطلب رؤية نقدية في ظل عدد من الأبعاد الاجتماعية والثقافية. وأخيراً، يناقش البحث دور تنشئة الأم لأبنائها في إنتاج عدد من الإشکاليات والأزمات المرتبطة بالرجولة.

الكلمات الرئيسية