المزج الالتفاتي في شعر بشار بن برد

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم اللغة العربية - کلية البنات جامعة عين شمس

المستخلص

 أن ظاهرة " المزج الأسلوبي " من أکثر الظواهر  استخداماً في شعر" بشار" ، وقد عمد إلى توظيفها في نصوصه الشـعرية ؛  لتکون " الوسيـلة الفـنية المعـينة " على البوح وتفـريج النفس من حـالة  الکآبـة واليـأس التي تـسيطر عليه في مـواقـف شعورية معـينة ، لأن ( أسْلُـوب الفنان هو المحـصّلةُ الأخيرة التي يقدمها لنا بالشکـل الذي يرتضيه، وهو العصارة النابـضة التي خرجت من روح الفنان، فيها  أنفاسُه ، وحياتُه، وفيها نظريتُه ونـظراتُه ، وفيها منهـجُه وفلسفـتُه ، وفـيها أدواتُـه التي اختـارها ، وشکـلها الذي أراده لها ، ومضمـونها وإيقاعـها  وجمالها )(45)، فاستخدام  (الالتفات استخداماً بارعاً يُحَقِّق به البليغ فوائد في نفس المتـلقي أو فکره ، مع ما يُحِقِّق به مـن الاقـتصاد والإيجـاز في  العبارة )(46)، کما أنه يعمـل على إثارة ذهن المتلقي، وتجـديد نشـاطه  ليتحرى الـدقـة محاولاً الکشف عن الجزئيات الکـامنة داخـل النـص،( فالانتقال من أسلوب إلى أسلوب أدخلَ في القبول عند السامع، وأکـثرَ لنشاطه ، وأعظمَ في إِصغائه )(47)   .
        وقد کان الشاعر واعـياً بذلک ، ولهذا وظف هـذه التقنية بإشکالها المختلفة ، فمزج  بين الضمـائر والأزمنة المختـلفة ، حيـث إن طبـيـعة المتلقيـن  ( يسأمون الاستمرار على ضمير متکلم أو ضمـير مخاطب ، فينتـقلون من الخطاب إلى الغيـبة ، وکذلک أيضاً يتلاعب المتکلم بضميره، فتارة يجعله ياء على جهة الإخبار عن نفسه، وتارة يجعله کافـا أو تاء فيجعل نفسه مخاطبا، وتارة يجعله هـاء فيقـيم نفـسه مقام الغائـب، فلذلک کان الکلام المتوالى فيه  ضمير  متکلم أو مخاطب لا يستطاب ، وإنما يحسن الانتقال من بعضها  إلى بعض)(48)  .