الاغتراب الشيبي والزمان عند ابن الرومي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم اللغة العربية - کلية البنات جامعة عين شمس

المستخلص

إن اغتراب المشيب ظاهرة إنسانية عامة قديمة ، ولکنها تظهر بوضوح عند الشعراء ؛ لأنهم أرق مشاعراً ، وأکثر حساسية من غيرهم .
2) ازدادت ظاهرة اغتراب المشيب في العصر العباسي عامة ، وعند بن الرومي خاصة ؛ لأن العصر العباسي أکثر حضارة ، ومدنية من العصور السابقة ، ولذلک زاد تمسک الإنسان بالحياة المادية ، وتضخم لديه الشعور بالاغتراب ، کلما فقد أحد مقومات التمتع بهذه الحياة .
3) ظل الدهر ، والزمان في الشعر العربي منذ الجاهلية  موضع انتقاد ، ومصدر شقاء للإنسان ؛ إما بسبب ما کان يتوهمه الجاهليون من أنه الفاعل الحقيقي ، لما يصيبهم في الحياة من نوازل ، وکوارث ، وهرم ، وموت، وهو ما حرص الإسلام على تصحيحه ؛ وإما بسبب شعور الإنسان بالزمان من حيث هو وسيط  لما يحصل له في حياته  من تغير وصيرورة ؛ أي بسبب ارتباط وجوده بالزمان ، وفي الزمان .
4) استمرار تحميل الزمان مسؤولية الآلام الاغترابية من المشيب في الشعر الإسلامي ، وخاصة العباسي ؛ سببه اختلاف النظرة إلى الزمان بين الشاعر الجاهلي ، والشاعر العباسي ، فبينما ينظر الجاهلي إلى الزمان بمنظار الحقيقة ، ينظر إليه العباسي بمنظار الشعرية .
5) الإنسان کائن طموح يعيش مستقبله أکثر من ماضيه ، وحاضره ، ويسعى دائما إلى صورة من الکمال تدفعه إلى رفض ما يجري حوله کلما تعارض ذلک مع ما يطمح أن يکون عليه ، فتعارض مجريات الزمان مع صورة الکمال ، هي التي تدفع المرء إلى رفضه ، ووصفه بالطيش حيناً  وبالظلم حيناً آخر ؛ لأنه لم يحقق له الظروف التي يتمناها .
6)  تمثلت المکونات الأساسية لاغتراب المشيب والزمان عند ابن الرومي في العجز ، وانعدام القدرة الذي انقسم إلى : أ) الشکوى : حيث اشتکى من الظلم المرکب للزمان والغواني ومن نهار الشيب السرمدي ، وديمومته ، وعدم زواله ، ومن استراق الزمان للشباب بصورة خفية.
ب) الخضوع : ويتبلور في البکاء على الشباب والخضوع للماضي .
ج)  الانفصال عن الواقع وتمني اللامعقول :  وتجسد في الرغبة في تجميد الدهر عند مرحلة الشباب .
2 ) الاغتراب عن الذات والآخر : أ) الاغتراب عن الذات : وتمثل في أزمتين رئيسيتين : أزمة منتصف العمر : وهي الصراع بين حاجات الشباب ، وواقع الشيب ، وأزمة آخر العمر: وهي الشعور باليأس من الحياة ، والتحسر على ذهاب مباهج الشباب ، والصبا .
ب) الاغتراب عن الآخر : وينقسم إلى قسمين : الأول : الاغتراب عن المرأة الذي تمثل في ظاهرة نفور الغواني من الشيب ، والثاني : الاغتراب عن باقي أفراد المجتمع : حيث سادت فيه عند ابن الرومي مشاعر الخوف والقلق من الأهمال ، والتنکر له في مرحلة المشيب .