"نظرية المعرفة النِسوية عند نورِتَّا کورتجي"

ترفض فلسفة العلم النسوية التفسير الذکوري الوحيد المطروح للعلم بنواتجه السلبية، وتحاول إبراز وتفعيل جوانب ومجالات وقيم مختلفة خاصة بالأنثى، يزعم أنصارها أنه جرى تهميشها وإنکارها والحط من شأنها بحکم السيطرة الذکورية، في حين أنه يجب أن يفسح لها المجال وتقوم بدور أکبر، لإحداث توازن منشود في مسار الحضارة والفکر، وبالتالي تأتي الإبستمولوجيا النسوية لتبحث دور الجنوسة في عملية المعرفة، کما تعمل على تحليل الخبرات المعرفية الخاصة بالنساء.
لذلک تناقش هذه الورقة البحثية موضوع نظرية المعرفة النسوية، وتحديدًا عند "نورتا کورتجي  Noretta Koertge" ( 1935م : .... )، حيث تُعدُّ الفيلسوفة الأمريکية "نورتا کورتجي" واحدة من أهم فلاسفة العلم المعاصرين، حيث شملت کتاباتها قضايا مهمة في فلسفة العلم المعاصرة، واعتنت أشد العناية بإعادة النظر في فلسفة "کارل بوبر" محاولة الوصول إلى فهم جديد لها، کما اهتمت بأهم قضايا ما بعد الحداثة من قبيل قضية حروب العلم، وقضية محو الأمية العلمية، ودور التعددية الثقافية في تطوير العلم، إلا أنها أولت فلسفة العلم النسوية اهتمامًا کبيرًا، وقدمت انتقادات کثيرة لنظرية المعرفة النسوية؛ رغبة منها في تقويم اعوجاج مسارها، وأفردت لذلک بعض المؤلفات؛ لذا يحاول الباحث في هذه الورقة الکشف عن الإبستمولوجيا النسوية عند کورتجي.
وتعود إشکالية هذه الورقة إلى مغالاة بعض فلسفات ما بعد الحداثة في نقد وتحقير وتقليل شأن بعض فلسفات الحداثة التقليدية ودورها في تطور العلم؛ مما دعا کثيرين من أنصار نظرية المعرفة النسوية إلى القيام بثورة على العقائد الرئيسية لفلسفة العلم التقليدية؛ مما ترتب عليه ظهور فلسفات ما بعد المابعد؛ لتقوم بنقد النقد الموجه للفلسفات التقليدية والرد على تلک الثورة التي يرونها غير منصفة، وتأتي هذه الورقة للإجابة على سؤال مهم هو: هل استطاعت کورتجي تقديم نقد مناسب لتلک الثورة الممنهجة يمکننا أن نستنبط منه مفهومًا واضحًا للإبستمولوجيا النسوية أم لا؟.