الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لمرض التهاب الکبد في منطقة الزاوية - ليبيا (دراسة في الجغرافيا الطبية)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الجغرافيا - کلية التربية- جامعة عين شمس

المستخلص

تعد الجغرافيا الطبية من التخصصات التي ظهرت حديثاً في القرن الثامن عشر، وأکبر خطوة خطاها هذا التخصص کانت بصدور قرار الاتحاد الجغرافي الدولي في مؤتمره الذي عقد في عام 1949م، تمثلت في لجنة خاصة ضمن لجانه المتخصصة باسم "الجغرافيا الطبية".
وليس من السهل وضع تعريف جامع للجغرافيا الطبية، بسبب اتساع ميدانها وتعدد مجالات البحث فيها، فقد عرفها مي (May) بأنها دراسة العلاقة بين المتغيرات الباثولوجية والمتغيرات الجغرافية (طبية وبشرية)، في حين عرفها ليد مونث عام 1987م بأنها دراسة أنماط التوزيع الجغرافي للأمراض البشرية وذلک بهدف تفسيرها([1])، وبالتالي فإن الجغرافيا الطبية هي حلقة الوصل بين الجغرافيا من ناحية والطب من ناحية أخرى، بحيث يخدم کل من المجالين الآخر، أما طريح شرف فقد عرفها بأنها فرع من فروع الجغرافيا التطبيقية الحديثة، تختص بدراسة التوزيع الجغرافي للأمراض وإبراز العلاقة بينهما وبين عناصر البيئة الجغرافية الطبيعية والبشرية([2]).
تعد دراسة حجم السکان وتطور نموهم في أي منطقة من أهم خطوات أي بحث أو دراسة في مجال الجغرافيا الطبية، حيث توصلت الدراسات إلى وجود علاقة وثيقة ما بين نمو السکان وتنوعهم وانتشار الأمراض والأوبئة.
يعتبر مرض التهاب الکبد من الأمراض المعدية التي تنتشر في ليبيا والتي تسعى جاهدة من أجل مکافحته وتوفير العلاج المناسب للمرضى، ومنطقة الزاوية إحدى مناطق ليبيا التي سنتناولها بالدراسة من جانب الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لمرض التهاب الکبد بها، حيث سيتم دراسة سکان المنطقة من حيث الحجم ومعدلات النمو وتوزيعهم، والترکيب العمري والنوعي وعلاقته بمرض التهاب الکبد في المنطقة، کما تتناول الدراسة الأبعاد الاقتصادية المتمثلة في طبيعة العمل ومستوى دخل الأفراد، وتم الاعتماد في هذه الدراسة على الدراسة الميدانية عن طريق إعداد استبيان خاص بذلک.
تناول البحث أهم المؤشرات الجغرافية التي لها علاقة باحتمالية الإصابة بمرض التهاب الکبد في منطقة الزاوية، والتي تمثلت في المؤشرات الاجتماعية کالنمو السکاني الذي استمر في الزيادة بالمنطقة خاصة بعد إنشاء المصفاة المسماة (مصفاة الزاوية لتکرير النفط)، وتحسن الأحوال الاقتصادية وارتفاع مستوى الدخل، کما تناولت الدراسة التوزيع الجغرافي للسکان حسب المحلات، والترکيب العمري والنوعي، فالذکور هم أکثر عرضة للإصابة بالمرض بسبب طبيعة الحياة العملية لهم.
 
هذا وتناولت الدراسة أهم الأبعاد الاقتصادية للمرضى والمتمثلة في طبيعة العمل ومستوى المعيشة المرتبط بنصيب الفرد من الدخل، فقد بلغ دخل الفرد بالبلاد عامة عام 2003م 48378 ديناراً مما انعکس على تحسن مستوى المعيشة، وانخفاض معدل الإصابة بالمرض، إضافة إلى دراسة لتلوث الغذاء والماء باعتباره من أهم أسباب الإصابة بالتهاب الکبد (A)، وتم دراسة المبيدات لأنها من أهم أسباب تلوث الغذاء بالمنطقة ووجد أن لها دور کبير في التلوث، کما تم دراسة المياه الجوفية بشکل موجز باعتبارها المصدر الوحيد للمياه بالمنطقة والدولة عامة، والتي بدأت تتعرض في الآونة الأخيرة للاستنزاف وتداخل مياه البحر في طبقاتها مما قلل من صلاحيتها للشرب بزيادة ترکيز بعض الأملاح المذابة عن الحد المسموح به، وظاهرة التداخل بين الآبار من خزانين جوفيين مختلفين متجاورين.





([1])    محمد نور الدين السبعاوي، تحليل موضوعي لجهود بعض الجغرافيين في دراسة الجغرافية الطبية منذ منتصف القرن العشرين، مجلة الإنسانيات، کلية الآداب، جامعة الإسکندرية، العدد الثالث عشر، 2003م، ص25.


([2])    عبد العزيز طريح شرف، البيئة وصحة الإنسان في الجغرافيا الطبية، الإسکندرية، ط2، 1995م، ص9.