جماعة الإخوان المسلمين وقضية الديمقراطية الداخلية "دراسة سوسيولوجية عقب ثورة 25 يناير"

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الاجتماع - کلية الاداب - جامعة القاهرة

المستخلص

أسس حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين وفقًا لقواعد تنظيمية ضمنت لها مرجعيتها الدينية البقاء والاستمرار رغم ما واجهته من معوقات سواء کانت خارجية (علاقتها بالسلطة السياسية)، أو داخلية (علاقة القيادات بالأعضاء). ورسخت تلک القواعد في أذهان أعضائها وهو ما عکسته استجابات أفراد العينة (ذکورًا وإناثًا) فيما يتعلق بعلاقتهم بالجماعة، وقياداتها فيما قبل ثورة 25 يناير وعبر المراحل التاريخية المختلفة – بالنسبة للأعضاء کبار السن-  بدءًا من ظروف حشدهم، مرورًا بمعرفتهم بمبادئ الجماعة، وما ترتب عن انتمائهم من مشکلات في ظل النظام السابق. إلا أن ذلک لم ينفِ افتقار جماعة الإخوان المسلمين لکثير من قواعد الديمقراطية الداخلية على مر تاريخها، وأن القانون الحديدي للأوليجارکية – لميشلز- لم يطرأ على تنظيمها بحکم تطوره، بل صاحب هذا القانون الجماعة منذ نشأتها. وقد نتج عن هذا الأمر العديد من الانشقاقات والخلافات التي شهدتها الجماعة، على الرغم من محاولات معظم أفراد العينة التأکيد على امتثالهم للجماعة واستيعابهم لمبادئها. وقد عبر بعض الشباب عن انتقادهم لمحدودية صنع القرار داخل الجماعة، وهو ما يتسق مع ما تشهده الجماعة من خلافات داخلية تنتقص من تطبيقها لمبادئ الديمقراطية الداخلية.
      وقد أوجدت الثورة المصرية الشعبية 25 يناير البيئة السياسية التي أتاحت للجماعة فرصًا سياسية مواتية للدخول في مرحلة فريدة من تاريخها، لم تخل بالطبع من التحديات الخارجية سواء في علاقتها - أو بالأحرى علاقة حزب الحرية والعدالة (ذراعها السياسي) - مع المجلس العسکري (الذي کان يتولى إدارة شئون البلاد في مرحلة ما بعد نجاح الثورة) أو القوى السياسية الأخرى في هذه المرحلة الانتقالية إزاء القضايا الخلافية. ومن أبرز تلک التحديات ما تعلق بتشکيل اللجنة التأسيسية للدستور. کما واجهت الجماعة تحديات داخلية. ولعل تأسيس الجماعة لحزب تابع لها قد زاد من هذه التحديات، لعدم إيضاح الخطوط الفاصلة بينها وبين حزب الحرية والعدالة حتى لأعضائها، وبات هناک مطلب ضروري لتطويرها، واستيعاب أعضائها، وخاصة فئة الشباب التي أوضحت استجابات بعضهم (من أفراد العينة) أنهم قد يکونون مصدر قلق بالغ لها، إذا لم تتخل عن جمودها بما يتفق مع متغيرات ما بعد ثورة شعبية حمل شعلتها الشباب. وقد شارکت المرأة في کل تلک الأحداث بشکل ملحوظ، وإذ أوضحت النتائج عدم تهميش الجماعة لمکانتها، وبينت دورها التربوي والسياسي الملموس، وإن کان في حاجة إلى تسليط الضوء عليه؛ لدحض الکثير من الدعاوى حول استبعاد الجماعة للمرأة.
     ومن ثم تشهد جماعة الإخوان المسلمين (أهم الحرکات السياسية الإسلامية) في هذه المرحلة الانتقالية تحديات لم تشهدها من قبل على مر مراحلها التاريخية، ويعد تنظيمها بما يشتمله من علاقات داخلية المعول الأساسي لمواجهة هذه التحديات، مع وضع في الاعتبار ضرورة استيعاب القيادات لأعضاء الجماعة من الشباب بصفة خاصة. وبذلک تکمن أهمية تناول هذا الموضوع ومتابعة خطوات الجماعة الفعلية لتطوير لائحتها في المرحلة المقبلة، وکذلک علاقتها بالقوى السياسية الأخرى داخل المجتمع.