ثقافة الاستهلاک المفهوم والقضايا النظرية

يتناول هذا الفصل ثقافة الاستهلاک من حيث المفهوم والقضايا النظرية المطروحة لدراسة ثقافة الاستهلاک.
أولاً:مفهوم ثقافة الاستهلاک
تهتم جميع تعريفات ثقافة الاستهلاک بالمعاني والرموز التي تصاحب عملية  الاستهلاک، و بالتأثيرات التي تمارسها وسائل الأعلام في دعم الاتجاه نحو الاستهلاک.
       يشير مصطلح ثقافة الاستهلاک إلي ترابط الأنشطة الاقتصادية مع الممارسات الثقافية، وهذه الممارسات تتحدد بدقة في ضوء رأس المال وسيکولوجية الأفراد
 (Michael Raye and Others,1996: 116)       
و يستخدم مصطلح ثقافة الاستهلاک للتأکيد على أن عالم السلع يلعب دورا أساسيا فى فهم المجتمع المعاصر،حيث يؤکد التحليل السوسيولوجي لثقافة الاستهلاک علي بعدين :
الأول: البعد الثقافي للعملية الاقتصادية،ويقصد به عملية إضفاء معان رمزية على السلع المادية واستخدامها کوسائط للتواصل أو التمايز الاجتماعي.
الثاني:اقتصاديات السلع الثقافية،وهى فلسفة فاعلة ومؤثرة في مجال أنماط الحياة وأسلوب المعيشة لدى الجماعات والشرائح الاجتماعية في مختلف المجتمعات والثقافات (فيزرستون:2010 ،177).
ويؤکد علماء الاجتماع أن ثقافة الاستهلاک أصبحت ظاهرة عامة،وقاسما مشترکا بين کل المجتمعات،ومکونا من مکونات کل ثقافة، وذلک نتيجة لما تمارسه المصادر المختلفة من تأثير على سلوک الأفراد، في اتجاه الميل نحو الاستهلاک، بل وجعل الاستهلاک هدفًا في ذاته.کما يؤکد علماء الاجتماع باستخدامهم مصطلح ثقافة الاستهلاک أن عولمة السلع والمبادئ التي تقوم عليها بنية العولمة تعد مدخلاً أساسيًّا؛لفَهم المجتمعات المعاصرة(Mona Abaza,2006,p.43).
ثانياً:النماذج النظرية في دراسة ثقافة الاستهلاک

النموذج الاقتصادي:

      يعتمد النموذج الاقتصادي بشکل کبير على العقلانية،ويعتبرها عنصرا هاما أساسيا في سلوک المستهلک،مع الأخذ بعين الاعتبار دخل الفرد،فالمستهلک يسعى إلى تحقيق أعلى مستوى من المنفعة بالحصول على أکبر قدر من احتياجاته طبقا لأولوياته وبأقل سعر ممکنو توجد عوامل موضوعية وشخصية تؤثر على المستوى الکلى للاستهلاک،وتتمثل العوامل الموضوعية في:عادات الإنفاق الاستهلاکي، وهيکل توزيع الدخل القومي،ومستويات الأسعار،اما العوامل الشخصية فتتلخص في الرغبة فى حب الظهور والتميز والمحاکاة و تقليد الآخرين،ويندرج تحتالنموذج الاقتصادي: النموذج الاقتصادي عندآدم سميثAdam Smith  ولانکسترLancaster،والنموذج الاقتصادي عند جون مينارد کينز.

النماذج النظرية السوسيولوجيةفي دراسة ثقافة الاستهلاک:

تندرج النماذج النظرية السوسيولوجية المطروحة لدراسة الاستهلاک تحت واحدة من هاتين النظريتين :
أ.نظرية عمومية(عالمية) ثقافة الاستهلاک:
تنطلق هذه النظرية من التأکيد على أن ثقافة الاستهلاک تشکل قاسماً مشترکاً بين الطبقات و المجتمعات جميعا ،ومرد ذلک إلى طبيعة التغيرات التي طرأت على نظم الإنتاج من ناحية وعلى البناء الاجتماعي الداخلي للمجتمعات من ناحية أخرى،وقد ساهمت هذه التغيرات في خلق أنماط استهلاکية متشابهه عملت على اختفاء الفروق بين الطبقات،فأسلوب الحياة الاستهلاکي لم يعد يعبر عن الفروق بين الطبقات والفئات الاجتماعية التي تخضع للمؤثرات الاستهلاکية نفسها، فالجميع يستهلکون بحيث يمکن القول أن الاستهلاک و ثقافته أصبحا من أکثر العناصر المشترکة بين الناس جميعاً،ويندرج تحت نظرية عمومية ثقافة الاستهلاک النماذج النظرية التالية: نموذج استهلاک الأحلام والصور والمتعة،ونموذج إنتاج الاستهلاک ،ونموذج أساليب الاستهلاک.
 
-         نظرية خصوصية ثقافة الاستهلاک:
ترى هذه النظرية أن ثقافة الاستهلاک ترتبط بسياقات اجتماعية خاصة،سواء على مستوى  المجتمعات أوداخل المجتمع الواحد.فالتغيرات التي أحدثتها الرأسمالية تخلق عالما واحدا متجانسا، ولکن هذه العملية تواجه دائما من جانب الجماعات بالبحث عن هوية مستقلة داخل هذا العالم والدفاع عن أساليبها الثقافية حتى لو کانت أساليب ثقافية مستحدثه،أي أبدعتها الثقافة الاستهلاکية الحديثة، ومن أبرز النماذج التي تندرج تحت نظرية خصوصية ثقافة الاستهلاک: نموذج بورديو عن الوسط المعيشي،ونموذج فيبلن عن الاستهلاک المظهري في الطبقة المترفة،ونموذج جورج زيمل عن النزعة الفردية الزائفة.