الربيع العربي: هل تحققت نبؤءة فوکوياما؟

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

1 قسم اللغة العربية کلية البنات جامعه عين شمس

2 قسم الفلسفة - کلية البنات - جامعة عين شمس

المستخلص

شهدت المنطقة العربية في الآونة الأخيرة  انتفاضات واحتجاجات شعبية في کل من تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن والأردن والمغرب وسوريا سميت بالربيع العربي، وهو مصطلح أطلق على الأحداث التي أسقطت أنظمة وهزت عروش أنظمة أخرى ،مما ترتب عليه حدوث تغيرات في الواقع السياسي اعتقد البعض انه تجسيد واقعي لما جاء به فوکوياما في کتابه ( نهاية التاريخ) الذي رأى فيه أن الديمقراطية الليبرالية هي المحصلة النهائية للتطور البشري ولاسيما بعد أن أثبتت الأيديولوجيات الأخرى ( الفاشية والنازية والشيوعية ) فشلها.
لقد أشار فوکوياما إلى أن الديمقراطية الليبرالية تشکل المنعطف الأخير وأن انهيار الحکم الشيوعي في أوروبا الشرقية 1989م يُعد علامة على تهاوى المارکسية الليينينية کأيديولوجية لها أهمية عالمية، الأمر الذي سهل زحف الديمقراطية الليبرالية على مساحات واسعة أمام تراجع الأيديولوجيات الأخرى، وها نحن نشهد في الساحة العربية  انتفاضات شعبية تطالب بالتحول الديمقراطي، الأمر الذي جعل البعض يعتقد أن بلدان الربيع العربية تتجه صوب الديمقراطية الليبرالية تماماً کما حدث في دول أوروبا الشرقية التي تبنت الديمقراطية بعد الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية،الأمر الذي يؤکد صحة نبوءة فوکوياما .
ولأن الثورات يجب أن تُؤخَذ بنتائجها لا بمطالبها وشعاراتها، فإن نتائجها تؤکد  أن ما تشهده المنطقة العربية  تجسيد عملي  لأجندات المحافظين الجدد وتحقيق لنبؤة فوکوياما أيضا, وذلک لأن فوکوياما کان من منظرى المحافظين الجدد الذين جعلوا أطروحته (نهاية التاريخ) بمثابة الإنجيلاً لهم، ونحن لا ننکر أن تلک الانتفاضات  الشعبية جاءت بشکل عفوي دون عقد اجتماعات أو لقاءات سرية لها، تطالب من خلالها بالإصلاحات الاقتصاديةوالاجتماعية والسياسية، إلا أن الدول الغربية على رأسها الولايات المتحدة وجدت في تلک الانتفاضات الفرصة التي طالما انتظرتها لتحقيق إجنداتها ، فالشعوب هي التي انتفضت دون إيعاز أو تنظيم من الدول الغربية مطالبةبالمشارکة السياسية والإصلاحات في کافة ميادين الحياة. وترى أمريکا  في نفسها الراعي  الرسمي للديمقراطية وحقوق الإنسان، الأمر الذي يتطلب منها مساندة تلک الإنتفاضات لتتبنى الديمقراطية الأمريکية التي تسعى بالدرجة الأولى للسيطرة على آبار النفظ والمقدرات الطبيعية في الشرق الأوسط.
إن مايجرى على الساحة العربية ليس بالأمر المفاجئ أو وليد اللحظة بالنسبة للدول الغربية , بل هومخطط استعماري أعده المحافظون الجدد  وإن اختلفت طرق التنفيذ، وذلک من أجل تشکيل شرق أوسط جديد وبمقاييس أمريکية .لذا يُعَد موضوع التحول الديمقراطي  في منطقة الشرق الأوسط مکوناً رئيسياً من مکونات السياسة الخارجية الأمريکية ,فالمحافظون الجدد يؤکدون على ضرورة نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وذلک من خلال اعتمادهم سياسة تغيير أنظمة الحکم، وإحلال الفوضى الخلاقة في المنطقة العربية , ولاسيما عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر .
ومن هنا برزت أهمية موضوع البحث، حيث سنحاول الوقوف على العلاقة التي تربط بين مايسمى " بالثوراث العربية " وأجندات المحافظين الجدد. وما مدى تحقق نبوءة فوکوياما؟ وأهم التحديات التي تعوق بلدان الربيع العربي في التحول الديمقراطي ؟ وما الرابط المشترک بين أجندة المحافظين الجدد وتلک الانتفاضات العربية؟ کل هذه الأسئلة وغيرها ستکون موضع اهتمامنا في هذا البحث.وسنعتمدفي دراسة المشکلة البحثية على المنهج التحليلي النقدي.وسنقسم البحث إلى مبحثين بالإضافة إلى مقدمة وخاتمة ، ففي المبحث الأول سنقف على نهاية التاريخ عند فوکوياما؛ أي سنتناول  بإيجاز کيف صاغ فوکوياما نبوءته والمتمثلة في الديمقراطية الليبرالية کمحصلة نهائية للتطور الإنساني وهل بلدان الربيع العربي قادرة على التحول صوب تلک الديمقراطية الفوکومية بسهولة، أما في المبحث الثاني فسوف نتناول العلاقة بين ما يسمى الثوراث العربية بأجندات المحافظين الجدد، وفي الخاتمة سنتناول أهم نتائج هذا البحث .