انماط تعلق الطفل بوالديه وعلاقتها بتقدير الذات لدي الاطفال في مرحلة الطفولة الوسطي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسن علم نفس - کلية البنات - جامعة عين شمس

المستخلص

تهتم الدراسة الحالية بدراسة العلاقة بين أنماط التعلق لدى الطفل بوالديه في علاقتها بتقدير الذات لدى الأطفال في الطفولة الوسطى، وحين نذکر العلاقة بين الوالدين والأبناء فسرعان ما يشير لنا ذلک إلى الأسرة والتي تعد أحد أکبر المنظومات في المجتمع فهي النواة الأولى لتشکيل الطفل وتطوره ونموه لکي يصبح عضوًا فعالًا في المجتمع.
فالأسرة هي أولى المصادر البيئية التي تؤثر على سلوک الفرد وخصائصه الشخصية، ويتضح لنا ذلک من خلال طبيعة العلاقات والاتصالات التي تحدث في السياق الأسري وتتشابه الاتصالات الأسرية مع الاتصالات الأخرى، إلا أنها تختلف عنها في شدتها، وذلک لأن هذه الاتصالات تحدث بين أفراد شديدي الصلة تربطهم روابط وثيقة وهي روابط الدم بل ويرتبط بعضهم ببعض أکثر مما يحدث في أي سياق إنساني آخر) إيناس محمد سليمان، 2003 ، 16).
وترتبط القدرة والرغبة في تکوين علاقات انفعالية مع الآخرين ببعض وظائف المخ البشري، وهي التي تتيح لنا الاستمرار في هذه العلاقات الانفعالية خلال المهد والطفولة، حيث تشکل هذه المرحلة العمرية فترة حاسمة في تشکيل قدراتنا على تکوين علاقات انفعالية ودية مستقبلية.
ويرى “بولبي Bowlby   " أن خلال مرحلة الکمون وهي المرحلة التي يکون فيها الطفل في سن السادسة أو السابعة، وحتى تغيرات البلوغ يستمر التعلق کخط رئيسي في سلوک الطفل الطبيعي، فالتعلق حاجة أساسية لا يمکن إهمالها أو إهمال إشباعها وإلا أضيرت الشخصية وأعيق نموها، فالأطفال يولدون ولديهم حاجة للحب والآمن وإقامة علاقات حميمية وآمنة مع الأشخاص الذين يرعونهم ويمدونهم دومًا بمزيد من المساندة والتقبل (أميرة  فکري محمد عايدي ، 2008).
ولقد أشارت الدراسات الحديثة إلى أن هذا التأثير العميق للأسرة في تشکيلها للطفل وبدء تکوين الروابط العاطفية بين الطفل ووالديه والتي تتطور أکثر بعد ميلاده من خلال سلسلة مواقف الرعاية اليومية من مجرد کونها روابط عاطفية تتضمن سلوکيات الاتصال الجسدي من تواصل بصري، حيث تبادل النظرات مع الطفل واللمس والعناق......الخ ، إلى تعلق عاطفي متبادل بين الوالدين – والطفل، والذي يحدث عندما يعي الوالدان بحاجات الطفل المختلفة وخاصة الحاجات العاطفية المرکبة وکيفية تلبيتها للطفل والتي إذا تحققت شعر الطفل بالأمان والسعادة والراحة والثقة، وعلى الطرف الآخر نجد أن الفشل في تلبية الحاجات العاطفية والافتقار إلى کافة أشکال التواصل الإيجابية تؤدي بالطفل إلى عدم الشعور بالآمن أو الثقة أو السعادة.
ولقد أشار " کفافي" بأن فرويد قد انتهى إلى أن کثيرًا من مظاهر سوء التکيف أو الأعراض المرضية يعود إلى مرحلة الطفولة وإلى أساليب المعاملة الوالدية التي تربي في ظلها الطفل وإلى طبيعة العلاقات التي کانت تربط بين الوالدين والأطفال (علاء الدين کفافي،1997، 18).
فضلًا عمَّا قد أشار إليه بأن رابطة التعلق بالوالدين لا تنفصم عراها فهي تستمر حتى طوال مرحل الرشد وتظل تؤثر في السلوک بأشکال لا يمکن حصرها، وبذلک يشکل التعلق رابطة وجدانية قوية ثابتة لفترة طويلة نسبيًّا يکون فيها الآخر کفرد هام وفريد في التعامل المتبادل، وهناک رغبة في الحفاظ على القرب منه (أميرة فکري محمد عايدي  ، 2008).
ويرتبط تأثير "التعلق بين الوالدين – الطفل" بکافة مناحي نمو الطفل ويشير التراث إلى وجود علاقة بين المتغيرات النفسية الإيجابية وبين العلاقة بين الوالدين –والطفل، إذ أشار التراث إلى مدى تأثر عمليات التفکير، اللغة، عمليات اتخاذ القرار، الأداء الاکاديمي، معدل الذکاء، الانتباه، الذاکرة وغيرها بطبيعة هذه العلاقة بين الوالدين والطفل.
  ولقد وجد أن نمط التعلق الأقل أمنًا يقلل من قدرة الطفل على الإدراک لاستکشاف البيئة فضلًا عن انخفاض الاتصالات والتفاعلات الاجتماعية ذلک أن الأطفال الأقل أمنًا يظهرون القلق والتوقف عن استکشاف البيئة Bassans. Guy, et al, 2009)).
فقد جاءت نتائج دراسة "  ,2015 Psouni, Elia; et. al  " إلى أن الأطفال ذوي نمط التعلق الآمن وممن لديهم تفاعلات آمنة، بإدراکهم لأنفسهم بکونهم أکثر قبولًا وتقديرًا من قبل أقرانهم وأمهاتهم، فضلًا عن کونهم أکثر کفاءة معرفية .
ولقد أظهر نمط التعلق غير الآمن في العموم، من خلال اختباره بأساليب قياس مختلفة في الدراسات المستعرضة أو الطولية على حد سواء، مجموعة من النتائج السلوکية السلبية مثل انخفاض المؤانسة، المشاکل السلوکية الداخلية والخارجية، مشاکل في العلاقات مع الأقران، ومشاکل مع ضبط النفس والتنظيم العاطفي (Thorell .,2012).
 
وکما أشار التراث النظري أيضًا إلى أن شکل النمط التعلقي لدى الطفل بوالديه يتغير حسب ثقافة البيئة التي تحيا بها الأسرة ،وذلک يعني أن نمط التعلق الآمن في البيئة الغربية قد يصبح غير آمن في ثقافة بيئة الأسرة المصرية، ومن ثم جاءت الحاجة إلى تصميم مقياس لقياس أنماط التعلق نظرًا للأبحاث النادرة أو القليلة وذلک في حدود إطلاع الباحثة، التي قد عملت على أنماط التعلق في البيئة المصرية، خاصة في مرحلة الطفولة الوسطى.
لذا فإن الباحثة في هذه الدراسة تحاول التعرف على أنماط التعلق ( الآمن، غير الآمن التجنبي، غير الآمن المذبذب، غير الآمن غير المنظم) في الأسرة المصرية بتقدير الذات لدي الأطفال في مرحلة الطفولة الوسطى.