الأحاديث الزائدة المرفوعة من باب (الإيمان بالملائکة) من کتاب شعب الإيمان للبيهقي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الشريعة - کلية دار العلوم - جامعة القاهرة

المستخلص

      السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، وهي المبينة لمصدره الأول القرآن الکريم، فتفصل مجمله، وتفسر مشکله، وتقيد مطلقه، وتخصص عامه، وتنسخ بعض أحکامه، هذا بجانب استقلالها بالتشريع.
     والسنة لم تکتب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم کما کتب القرآن، ولم تجمع في زمن الخلافة الراشدة في کتاب واحد کما جمع المصحف، بل استمر الناس يتناقلونها أقوالا وأفعالا حفظا في صدورهم حتى نهايات القرن الهجري الأول، حيث أمر الخليفة عمر بن عبد العزيز أهل العلم بالکتابة خشية ذهاب العلماء ودروس العلم.
     وقد انبرى جهابذة من الرجال في تدوينها، فکانت مهمة خطيرة دقيقة، فالسند قد ابتعد، وظهر الکذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولکن الله قد حفظ هذه السنة بما حفظ به القرآن الکريم، فقيض لها الإجلاء من هذه الأمة ليتصدوا لذلک کله.
      وبدأت علوم الحديث تتشکل تبعا للتدوين، فلم تُعن أمة من الأمم بالسند قبل ولا بعد کما اعتنت هذه الأمة، فاشترط أهل هذا الفن ألاّ يقبل حديث إلا بإسناد، ثم ينظر في الإسناد، أمقبول هو أو مردود، فقعدت لأجل ذلک القواعد، فظهرت قوانين الرواية والدراية، وتنوعت العلوم في ذلک وتفرعت، وأثرى هذا کله في النهاية علوم الدين کافة.
     وشهد القرن الثالث تطورا کبيرا في العلوم عامة وفي علم الحديث بشکل خاص، فظهرت فيه الصحاح من کتب الحديث، على رأسها صحيحا البخاري ومسلم، ثم السنن المشهورات التي ألحقت بالصحيحين، وهي سنن النسائي وأبي داوود وجامع الترمذي، ثم ألحقت بها سنن ابن ماجه، وصارت تعرف بالکتب الستة، وقد تلقتها الأمة بالقبول، حتى إنها سميت بالأصول الستة، ويوجد غيرها کثير من کتب الرواية من سنن ومسانيد ومصنفات ومعاجم وغيرها. 
     تبين من دراسة باب الإيمان بالملائکة من کتاب شعب الإيمان للبيهقي، أن هذه الشعبة من هذا الکتاب احتوت على عشرة أحاديث زائدة مرفوعة من أصل ستة وعشرين حديثا أخرجها البيهقي في هذا الباب، من هذه العشرة حديثان صحيحان، وحديثان حسنان، وستة أحاديث ضعيفة يتقوى بعضها بالشواهد والمتابعات.
     وبنسب رياضية بسيطة، نجد أن 38% من أحاديث الباب هي أحاديث زائدة على الکتب الستة، وأن 20% من الأحاديث الزائدة هي أحاديث صحيحة، وأن 20% منها أحاديث حسنة.
    ولو اعتبرنا هذا الباب عينة عشوائية من هذا الکتاب، وباعتبار أن البيهقي يسير على منهج مطرد في کتابه، وبتعميم نفس النسب على الکتاب الذي أخرج فيه البيهقي أکثر من عشرة آلاف حديث، فيتوقع أن يکون في کتاب شعب الإيمان أربعة آلاف حديث زائد على الکتب الستة، الرقم الذي يضاهي ما يحتويه کل کتاب منفرد من الکتب الستة، إذا استبعدنا المکرر منها.
     وبنفس النسب أيضا، قد نجد في هذه الأربعة آلاف حديث، ثمانمائة حديثا صحيحا، وثمانمائة حديثا حسنا، خلاف ما يمکن أن يتقوى من الضعيف منها.
     وهذه دون شک حصيلة ممتازة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مروية في الکتب الستة.   
      وبهذا يظهر جليا أهمية علم الزوائد، فدراستنا لباب الإيمان بالملائکة –وهو من أبواب الإيمان- وجدنا فيه نسبة ممتازة من أحاديث صحاح وحسنة لم ترد في الأصول الستة.
    لذا أرى من الأهمية بذل مجهود أکبر في الاتجاه، وأن يسلط الضوء على دراسة الزوائد، وأن توجه الحرکة البحثية في علم الحديث لتناول بقية کتب الحديث -وما أکثرها- لتجريد زوائدها ودراستها وتقديمها للطالبين.