مدينة لبدة الکبرى التأسيس والتسمية آراء وشواهد

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم تاريخ - کلية البنات - جامعة عين شمس

المستخلص

 
     تعد مدينة لبدة الکبرى من المدن الأثرية المهمة بليبيا، ويظهر ذلک من خلال آثارها الباقية، وأهمية موقعها على ساحل البحر الأبيض المتوسط، . وقد جاء اختيار الموضوع کمحاولة للتعرف على هذه المدينة الأثرية التي لعبت دوراً مهماً في تاريخ المنطقة؛ ولاسيما خلال العصر الروماني، وکشف جانباً من تاريخها، ولذلک فقد حاولت أن أجمع کل ما أمکنني من إشارات وردت عنها في الکتب والدراسات والنقوش، والقيام بتنسيقها وإبداء الرأي عليها کلما أمکن ذلک. ولذا فإن الهدف الرئيس لهذه الورقة هو وضع الإطار النظري العام لموضوع تأسيس مدينة لبدة الکبرى وتسميتها، ويتناول محاولة للإجابة على عدة تساؤلات حول: موقع المدينة وما هي أسباب اختياره؟ ومن هم المؤسسون لها؟ ومتى تم تأسيسها؟ وما هي الأسماء العديدة للمدينة؟ والتي تنوعت في أشکالها ورسمها، وتوحدت في معناها، ومن ثم إعطاء فکرة مختصرة عن التطور التاريخي للمدينة؛ ولتسهيل الدراسة والوصول إلى النتائج المرجوة فقد رأت الباحثة تقسيم الموضوع إلى ثلاث عناصر أساسية وخاتمة، تناول العنصر الأول: موقع وتأسيس المدينة، فيما تناول العنصر الثاني: تسمية المدينة، واختص العنصر الثالث بتناول: التطور التاريخي للمدينة، وُختم البحث بخاتمة اشتملت في نهايتها على بعض التوصيات .
     کما أشرنا فقد تأسست المدينة على يد الفينيقيينفي بادئ الأمر لتکون مرفأً يلجئون إليه وقت الحاجة أثناء رحلاتهم التجارية النشطة في لبحر الأبيض المتوسط قبل أن تصبح من أهم المدن على الشاطئ الغربي لهذا البحر خلال العصرين الفينيقي والروماني؛ ولم يکن اختيار الفينيقيون لموقع مدينة لبدة الکبرى بمحض الصدفة؛ بل لما أمتاز به على الطريق التجارية الساحلية الرابطة بين المشرق والمغرب، وقربه من طريق القوافل التجارية الصحراوية المتجهة إلى دواخل الصحراء جنوباً، وهو ما أهله لأن يکون محطة تجارية هامة لهذه القوافل، بالإضافة إلى کونه موقعاً محاطاً بمنطقة زراعية مهمة، تتوفر على المياه العذبة والموارد الزراعية؛ فضلاً عن أنه يتحقق على مرفأ محمي يساعد على ُرسو السفن. وقد لعب هذا الموقع المهم للمدينة دوراً کبيراً في التواصل مع الحضارات التي ازدهرت حول هذا البحر المتوسط، مما أثر تأثيراً مباشراً على المدينة في مختلف النواحي، حتى أضحت واحدة من أهم المدن وأبرزها ببلاد المغرب القديم .
     وکما أشرنا فإنه ليس ثمة اتفاق بين المؤرخين على تحديد دقيق لتاريخ تأسيس المدينة، إلا الثايت أنها لم تتحول إلى مرکز للاستقرار الدائم إلا في القرن الخامس قبل الميلاد.
     وقد أطلق الفينيقيون على المدينة أسم لفقي أو لبقي، وهو اللفظ الذي تطور عنه اسم المدينة فيما بعد لتصبح باسم لبتيس، مع إضافة صفة الکبرى أو العظمى (ماجنا) للتمييز بينها وبين مدينة لبدة الصغرى.
     استمرت مدينة لبدة الکبرى تحت التبعية الفينيقية حتى سقوط قرطاج؛ حيث دخلت في فلک التبعية الاسمية لملک نوميديا، إلى أن خضعت للسيطرة الرومانية المباشرة في عام (46ق.م)، وصارت جزءاً من ولاية أفريقيا الرومانية، لتدخل المدينة مرحلة جديدة من تاريخها وهي فترة السيطرة الرومانية؛ حيث شهدت المدينة خلالها العديد من التطورات التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
     وخلاصة القول أنه کان لمدينة لبدة الکبرى کما أشرنا أهميتها التاريخية، والاقتصادية، فقد أعطاها موقعها أهمية کبيرة، وهکذا فإن التطور التاريخي للمدينة وتواصلها مع عديد الحضارات يطرح وبإلحاح أهمية موقع المدينة وتسميتها، وضرورة إيجاد رؤية واضحة لدراسة تاريخ المدينة، وهي الرؤية التي ينبغي أن تراعي التطور الذي مرت به المدينة، والترکيز على دراسة تاريخها من خلال المصادر الأصيلة، للوصول إلى نتائج مرضية. وإذا ما عرفنا أن دراسة تاريخ المدينة يتطلب المزيد من الاهتمام والمتابعة وتبني السياسيات التي من شأنها الحفاظ على التراث التاريخي والأثري للمدينة، فقد يکون من المناسب مراعاة بعض التوصيات :-
1 – التأکيد على أهمية دراسة النقوش والمخلفات الأثرية بالمدينة، واستثمار الإرث التاريخي للمدينة وتسخيره لکشف مختلف جوانب الحياة العامة بالمدينة خلال العصر القديم.
2 – إتباع رؤية موضوعية وشاملة تتجاوز الأسلوب العاطفي، وتکون شاملة لدراسة المنطقة ککل للوصول إلى نتائج تثري عملية البحث التاريخي.
3 – تشجيع الباحثين لإجراء البحوث وعقد الندوات والمؤتمرات التي تتناول هذه الفترة من تاريخ المنطقة، وطرح البدائل لإزالة الغموض حول التاريخ القديم للمدن الليبية القديمة للتقدم إلى الأمام بخطى محسوبة، ووضع الخطط الناجعة للحفاظ على الميراث التاريخي لهذه المدن.