المفارقة في التراث النقدي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم اللغة العربية - کلية البنات - جامعة عين شمس

المستخلص

ملخص
إن دراسة المفارقة في الشعر تُعد من الدراسات النقدية والبلاغية الجديدة التي تتعامل مع النص لکشف خفاياه و أسراره ،أضف إلى ذلک أنها من الدراسات الحديثة وآلية من آليات تحليل النص الأدبي،إذ تعتمد على الدراسة العميقة للنص،وتقليبه و بيان مستوياته للوصول إلى عمق المعنى الذي أراده الکاتب.
تناول هذا البحث المفارقة في التراث النقدي، وقد تم تقسيمه إلى قسمين القسم الأوّل: وقد درست فيه المفارقة في التراث الغربي وقد تبين أن هذا المصطلح غربيٌّ؛لکن أصوله عربية ؛ وأن أول ظهور له کان في الحقل الفلسفي ويعد سقراط صانع المفارقة الأوّل الذي يذکره لنا التاريخ ، حيث کان يدّعي الجهل بما يسأل عنه، وبما يحاوره حتى يترک الشخص خاوي الوفاض .
ثم انتقلت هذه الظاهرة إلى الحقل النقدي، واتجهت جهود النقاد نحوها، وکان من نتيجة هذه الجهود أن قدموا لها تعريفات کثيرة يصعب حصرها.
وهذه الظاهرة لم تقتصر على الفلاسفة والنقاد فحسب، وإنما تجاوزتها إلى البلاغيين، فقد نظر إليها على أنها أسلوب من أساليب البلاغة.
والحقيقة أن هذا المصطلح سبب جدلًا واسعًا في الغرب فهو مصطلح غامض ويثير الالتباس، نتيجة تاريخه الطويل والمتشعب لذلک اعتنى به النقد الغربي عناية کبيرة ،وکان من نتيجة هذه العناية والاهتمام تحول جذري في دلالة المصطلح، فلم تعد المفارقة مجرد وسيلة للتعبير عن شي معين، وإنما منهجًا يحمل کل مواصفات المنهجية العلمية، کما أصبحت له مکانة متميزة بين المناهج الأخرى بل ويفوقها، ذلک أن جذوره موغلة في القدم، أضف إلى ذلک نجاحه في إيصال هدف الکاتب بطريقة لا تستطيع المباشرة ايصالها .
أما القسم الثاني من البحث فجاء فيه الحديث عن المفارقة في الثراث العربي وقد قُسم إلى قسمين : الأوّل المفارقة في التراث النقدي القديم ، والثاني المفارقة في العصر الحديث، ففي القسم الأوّل جاء الحديث عن المصطلحات العربية القديمة التي تحمل دلالة المفارقة وهي تجاهل العارف،و الکناية،والتورية،والتهکم،والمدح بما يشبه الدم، والذم بما يشبه المدح، والطباق، وهزل يراد به جد، والاستعارة والتعريض، وقد اتضح لنا أن هذه المصلحات تمثل کل واحدة منها على حده معنى من معاني المفارقة، غير أن المفارقة أوسع وأرحب من أن تقتصر على لفظٍ معينٍ منها.
وأن هذه المصطلحات شبهية بالمفارقة وأکثر قربًا منها وأنه لايوجد من بينها ما يحمل کامل دلالة المصطلح ولکنها مجتمعة يمکن أن تمثل جزءً کبيرًا من المفارقة وعليه فإن ميراثنا العربي لم يکن خاليًا من المفاهيم التي تقترب من المفارقة رغم بُعد الفترة الزمنية بينهما، ويمکننا القول إن هناک أشياء موجودة في أدبنا العربي وبها حاجة إلى دراسة لاکتشافها وبروزها على الساحة الأدبية.ولايمکن أن ننکر أن المصطلح غربي لکن أصوله عربية والدليل ما وجدناه من مصطلحات في تراثنا العربي القديم،کانت ومازالت نماذج حية على المفارقة ،فلو أتينا لکل مصطلح منها لوجدناه يمثل جزءً من المفارقة ،فأنت تسأل عن شيء وأنت تدّعي أنک تجهله مفارقة،وأن تأتي بلفظ البشارة في موضع الإنذار مفارقة،وبالوعد في مکان الوعيد مفارقة،وتذکرلفظين لهما معنى قريب والآخربعيد مفارقة،وأن تمدح لتهجو وتهجو لتمدح مفارقة،وأن تأتي باللفظ وضده والهزل لتقصد الجد،وأن ترمزبلفظ لتقصد به شيئًا آخر،وأن  تستعير لفظة وتضعها في غير موضعها فکل ذلک مفارقات،غير أن المفارقة أوسع من أن تقتصر على مفهومٍ منها.
أما في العصر الحديث فالحال لا يختلف کثيرًا من تقارب التعريف عن مثله عند الغرب فنجد أن نقادنا العرب في العصر الحديث کثرت تعريفاتهم لها، وقد تراوحت هذه التعريفات بين الغموض والتبسيط، کما أن هذه الظاهرة نجدها بکثرة في نتاج أدبائنا وشعرائنا، وذلک لما تؤديه من وظائف قيمةٍ وأهدافٍ ساميةٍ .وقد ظلت الدراسات في النقد العربي الحديث محدودةً بعض الشيء ،فلم نجد إلا بعض المؤلفات ،والتي تنوعت بين الکتب والمقالات،ثم اتسعت الرقعة لتصل بنا إلى آفاق أرحب وأسع في هذا المجال،شأنها في ذلک شأن الأدب الغربي.وعليه يمکننا القول ان تعريفات العرب للمفارقة قد أتّکأت على التعريفات الغربية،ذلک ان الغربيين هم أوّل من سطع عندهم هذا المفهوم من خلال دراساتهم وبحوثهم العلمية،وقد اتفقت هذه الدراسات على الآتي:  ـ عنصر الخفاء،أي المعنى الباطن داخل النص.
ـ أن المعنى الباطن هو الذي أراد الکاتب أن يعبر عنه.
ـ الاختلاف بين المعنى الباطن والمعنى الظاهر.
ـ قول شيء دون قصد حقيقته.
ـ رفض المعنى الحرفيّ لصالح المعنى الخفيّ.  
ـ التنافر بين المستويين .
ـ ثنائية المعنى القائمة عل الضدية.
 
 

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية