البناء الفني للقصة القصيرة عند "أحمد الشيخ" (اللغة ووسائل التعبير)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم اللغة العربية– کلية البنات للآداب والعلوم والتربية – جامعة عين شمس

المستخلص

يتناول هذا البحث مصطلح التناص والسرد التهکمي وقضايا  الحوار، ذلک الحوار الذي ينقسم إلى حوار داخلي "المونولوج" وحوار خارجي "الديالوج"، ووجد أن الحوار الداخلي "المونولوج" يظهر مابداخل الشخصية من إحساسات مما يربط بين الأحداث، أما الحوار الخارجي "الديالوج" يقوم بتطوير موضوع القصة القصيرة إلى النهاية، ويقوم بإضفاء الصدق والحيوية على الأحداث، وتناول هذا البحث أيضاً اتباع الکاتب "أحمد الشيخ" لأساليب جديدة لکسر البنية التقليدية للعبارة في الشعرية في القصة القصيرة، وحثه في القصص القصيرة على اتباع القيم الدينية، وإظهاره للتکثيف في القصص القصيرة عندما أتى فيها بالسرد المقتضب، وإظهاره للترکيز في القصص القصيرة عندما أتى فيها بالسرد الموحى بالدلالة، وتحقيقه للاختزال في القصص القصيرة باختزال کلمات في الفصحى بالتعبير عنها بالعامية، وقيامه باختزال المواقف الحوارية، وإتيانه بالتصوير کالاستعارة وألوان البديع، وإتيانه بالرمزغير المعقد والرمز التوليدي من خلال إظهاره العلاقة بين الأمومة والطفولة وخصوبة الأرض، وتوظيفه لجمل تراثية وتعبيره عنها کأسطورة من الأساطير، وذلک بربط التراث بالأسطورة في القصص القصيرة.
 کما تناول هذا البحث أيضاً تعدد ضمائر السرد بين المتکلم والغائب والمخاطب، بتطبيق الکاتب "أحمد الشيخ" لاستخدامات ضمير السرد للمخاطب "أنت"، وانتقاله بين ضمير السرد للغائب"هو" وضمير السرد للمتکلم "أنا".
 

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


البناء الفنی للقصة القصیرة عند "أحمد الشیخ"

(اللغة ووسائل التعبیر)

 

 

 

 

إعــداد

مریم إبراهیم إسماعیل سعداوی

طالبة ماجستیر – قسم اللغة العربیة وآدابها – کلیة البنات للآداب والعلوم والتربیة – جامعة عین شمس

 

 

 

إشراف

أ.د/ یوسف حسن نوفل                                        أ.م.د/ آمال یس عبد الخالق

أستاذ الأدب والنقد الحدیث                                أستاذ الأدب العربی القدیم المساعد

کلیة البنات للآداب والعلوم والتربیة-                            کلیة البنات للآداب والعلوم والتربیة-       جامعة عین شمس                                       جامعة عین شمس

                                                               

 

 

 

 

 

 

 

 

المـلخـص

یتناول هذا البحث مصطلح التناص والسرد التهکمی وقضایا  الحوار، ذلک الحوار الذی ینقسم إلى حوار داخلی "المونولوج" وحوار خارجی "الدیالوج"، ووجد أن الحوار الداخلی "المونولوج" یظهر مابداخل الشخصیة من إحساسات مما یربط بین الأحداث، أما الحوار الخارجی "الدیالوج" یقوم بتطویر موضوع القصة القصیرة إلى النهایة، ویقوم بإضفاء الصدق والحیویة على الأحداث، وتناول هذا البحث أیضاً اتباع الکاتب "أحمد الشیخ" لأسالیب جدیدة لکسر البنیة التقلیدیة للعبارة فی الشعریة فی القصة القصیرة، وحثه فی القصص القصیرة على اتباع القیم الدینیة، وإظهاره للتکثیف فی القصص القصیرة عندما أتى فیها بالسرد المقتضب، وإظهاره للترکیز فی القصص القصیرة عندما أتى فیها بالسرد الموحى بالدلالة، وتحقیقه للاختزال فی القصص القصیرة باختزال کلمات فی الفصحى بالتعبیر عنها بالعامیة، وقیامه باختزال المواقف الحواریة، وإتیانه بالتصویر کالاستعارة وألوان البدیع، وإتیانه بالرمزغیر المعقد والرمز التولیدی من خلال إظهاره العلاقة بین الأمومة والطفولة وخصوبة الأرض، وتوظیفه لجمل تراثیة وتعبیره عنها کأسطورة من الأساطیر، وذلک بربط التراث بالأسطورة فی القصص القصیرة.

 کما تناول هذا البحث أیضاً تعدد ضمائر السرد بین المتکلم والغائب والمخاطب، بتطبیق الکاتب "أحمد الشیخ" لاستخدامات ضمیر السرد للمخاطب "أنت"، وانتقاله بین ضمیر السرد للغائب"هو" وضمیر السرد للمتکلم "أنا".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

1-    المقدمــــــة

تعد دراسة البناء الفنی للقصة القصیرة دراسة قیمة ومهمة إذ تشکل جانبا مهما فی الدراسات النقدیة الحدیثة، ومن العوامل التی حفزتنی على دراسة هذا الجانب هی محاولة معرفة عناصر وخصائص القصة القصیرة ومدى تطبیق الکاتب "أحمد الشیخ" لسمات مراحل بناء القصة القصیرة على إبداعه القصصی.

ولقد کان الهدف من هذا البحث هو دراسة اللغة ووسائل التعبیر فی البناء الفنی للقصة القصیرة،

ولقد اتبعت المنهج البنیوی فی دراسة هذا البحث.

ولقد واجه البحث صعوبات منها عدم تناول البناء الفنى للقصة القصیرة بالدراسة بشکل مستفیض فی کتب کثیرة، بینما یتم تناول البناء الفنی للقصة والروایة بالدراسة بکثرة وعمق وغزارة فی کتب کثیرة، وتناولت الکتب التی تخص دراسة البناء الفنی للقصة القصیرة دراسة نماذج لأدباء آخرین غیر أحمد الشیخ.

تناولت الدراسة فی هذا البحث مصطلح التناص، والسرد التهکمی، وقضایا الحوار التی تنقسم إلى حوار خارجی "الدیالوج" وحوار داخلی "المونولوج"، وتوظیف الشعریة والتراثیة، واتباع القیم الدینیة، والتکثیف، والترکیز، والاختزال، والتصویر، والترمیز، وتوظیف تراثی وأسطوری، وتعدد ضمائر السرد بین المتکلم والغائب، والمخاطب.

2-      اللغةووسائلالتعبیر

اللغة : هی أداة الکاتب للتعبیر عما یدور فی ذهنه من أفکار ومشاعر. وتتمیز هذه الأداة بتشعب وتعدد وسائلها، من ذلک :

العنوان : إن العنوان هو علامة تدل على خبرة الکاتب وتُشَوِّق القارئ أو لا تُشَوِّقه لقراءة القصة القصیرة. ویرتبط العنوان بالموضوع الرئیس فی القصة القصیرة ارتباطًا وثیقًا، إذ إنه یعبر عنه تعبیرًا مجملًا مرکزًا، وهناک صفات للعنوان یتصف بإحداها فتصف معناه وتوضح ما یمیزه.

وقد لا یجزئ الکاتب العنوان الرئیس فی القصة القصیرة إلى عناوین فرعیة أو یجزئه، ویتصل معنى تلک العناوین الفرعیة بمعنى العنوان الرئیس لاتصالهم بأحداث مترابطة تؤدى إلى تحقیق هدف واحد فی القصة القصیرة. 

(وإذا تأملنا عنوانات القصص ـ وقد ذکرنا موجزة فما مضى ـ نجد حرصة على تحقق نوع من "السیمتریة" فى العنوان اختاره بدقة: )([1])

(فهیکلیة العنوان فیهما تقوم على عنصر الزمن المتمثل فى المضاف والمضاف إلیه فى صور الجملة، وهو تحدید یشى بقصر عمر الفترة الزمنیة وسرعة تبخرها. )([2])

(والصفة الثانیة بعد السیمتریة تحقق الإضافة للمواطن فى کل العنوانات إذ نجد، باستمرار، مضافین فى مطلع الجملة: طلوع المواطن، بغلة المواطن ـ ضرب المواطن ـ غیاب المواطن، تصفیة دم المواطن ـ ملف ملکیة المواطن ـ ادعاءات المواطن. یلى المواطن اسمه أو رمز اسمه.)([3])

والصفة الثالثة زمنیة بتحدید الساعة والأیام فى القصتین المشار إلیهما.

والصفة الرابعة عاطفیة بین: سعادة طارئة قصیرة، وضرب وإهانة وفقد وخسارة.

والصفة الخامسة التقاء العنوانات بالسرد وتوظیف الکتاب إیاها توظیفًا جدیدًا. )([4])

(وفى سرد قصة: مدحت الکیال یقول:

" فقد اهتدینا إلى حیلة لیندسَ عنوان النصَ المعدَل خاصَتنا بین السطور ". )([5])

والصفة السادسة والأخیرة فى عنوان القصَ عند أحمد الشیخ تفریع العنوان فى القصة الفصلیة،([6])

وفی المجموعة القصصیة(کلام مساطب)، فی القصة القصیرة(زمن الأغوات) ،

ویخلى لنا

کل الأغوات  /  الماریونیتات

الماسکة بخیوط اللعبه

ومهشتکه الأهطل بالذات

فى مصرنا أم البهوات

ودا نوع حداثى من البهوات

الطالعه من تحت السلم

والخاینه ناسها وأهالیها

وتخون الذات )([7])

وفی المجموعة القصصیة (دائرة الانحناء)، فی القصة القصیرة (الکرسى المهزوز)، (همست فى صوت خافت للتمثال المجعوص على الکرسى الهزاز الثابت : )([8])

ویظهر على کلمة العنوان اتصافها بإحدى صفاته الستة .

  • الصفة الأولى للعنوان هی السیمتریة التی هی بأن یکون العنوان فیها یتکون من مضاف ومضاف إلیه ویدل على قصر الفترة الزمنیة وسرعة تبخرها، ویوجد ذلک فی المجموعة القصصیة (کلام مساطب) فی عنوان القصة القصیرة (زمن الأغوات)، فهو یتکون من مضاف(زمن) ومضاف إلیه(الأغوات)، ویدل على قصر الفترة الزمنیة للأغوات وسرعة تبخرها، لأن یوجد فی نهایة القصة القصیرة تفضیل هؤلاء الأغوات فی فترتهم الزمنیة للأهطل على باقی البشر، ولأن هؤلاء الأغوات نوع حدیث للبهوات ذو الأصل المتدنی، والخائن لناسه وأهله والخائن لنفسه، لذلک فلن تطول فترة زمنهم.
  • الصفة الثانیة للعنوان بعد السیمتریة هی إضافة مضافین باستمرار فی مطلع الجملة، ویوجد ذلک فی المجموعة القصصیة(النبش فى الدماغ)، فی عنوان القصة القصیرة(ضرب المواطن فاضل التلاوى )، ففیه صفة إضافة مضافین فی مطلع الجملة(ضرب المواطن)، وفی نفس المجموعة القصصیة، فی عنوان القصة القصیرة(تصفیة دم المواطن سید عوف)، ففیه صفة إضافة مضافین فی مطلع الجملة (تصفیة دم المواطن)، ویکون العنوان فیها معبراً عن المأساة التی حدثت للبطل فی حیاته مثل مأساة (ضرب المواطن) فی عنوان القصة القصیرة(ضرب المواطن فاضل التلاوى )، ومثل مأساة (تصفیة دم المواطن) فی عنوان القصة القصیرة(تصفیة دم المواطن سید عوف).
  • الصفة الثالثة للعنوان هی محاکاة اللهجة بالتحریف بین قدیم وحدیث معبرًا الکاتب فیها عن الزمن بذکره للساعات و الأیام فی القصة القصیرة لتعبر فی العنوان عن زمن أو مرحلة تاریخیة قدیمة(فترة حکم رع) فی المجموعة القصصیة(النبش فى الدماغ)، فی عنوان القصة القصیرة(سخم سخام رع)، أو لتعبرفی العنوان عن مرحلة تاریخیة حدیثة(أواخر أیام فترة حکم الملک) فی المجموعة القصصیة(خطافة العیال) فی عنوان القصة القصیرة (أواخر أیام الملک).
  • الصفة الرابعة للعنوان تعبر عن العاطفة بأحد نوعیها السعادة القصیرة فی المجموعة القصصیة(المنام المراوغ)، فی عنوان القصة القصیرة(المنام الناعم البدایات)، والشقاء الخاسر فی المجموعة القصصیة(کلام مساطب)، فی عنوان القصة القصیرة (حقک المنهوب).
  • الصفة الخامسة للعنوان هی التقاء العنوان بالسرد بأن یرتبط العنوان بالسرد، وتوظیف الکاتب للعنوان فی السرد توظیفًاً جدیدًاً بحدوث تغییر لهذا العنوان داخل السرد، ویوجد ذلک فی المجموعة القصصیة(دائرة الانحناء)، فی عنوان القصة القصیرة (الکرسى المهزوز)، بأن ارتبط  العنوان بالسرد، وذلک بأن فی الصراع فی القصة القصیرة ارتبط عنوان القصة القصیرة الذی هو (الکرسى المهزوز) بالسرد الذی هو أن بطل القصة القصیرة یهمس بصوت خافت لمدیره فی العمل الجالس على الکرسی الهزاز الثابت، وقد جعل هذا المدیر کرسی البطل فی العمل کرسیًا مهزوزاً، وذلک بجعله یرید ألا یستمر فی العمل، لطلبه هو وأعوانه من البطل أن یفعل شیئاً مخالفاً للصحیح فی مجال تخصص البطل.

وبدلاً من أن یأتى الکاتب بکلمة العنوان داخل السرد (الکرسى المهزوز) أتى بالکلمة التی تعبر عن موضوع القصة القصیرة وتربط العنوان بالسرد فیها تغییر عن کلمة العنوان بأن أتى بها کلمة (الکرسى الهزاز).

  • الصفة السادسة هی تفریع العنوان فی القصة القصیرة الفصلیة إلى عنوانات أخرى، ویوجد ذلک فی المجموعة القصصیة (مدینة الباب)، فی القصة القصیرة (تأملات رجل فوق مقعد صخرى)، بتقسیمها إلى عنوانات فرعیة هی :

 الشغل !، الحدث !، ممنوعات !، السفر!، الحلم !، العجز !، أمى !، هدى !، بعد العودة !.

 

وقد عبَر الکاتب "أحمد الشیخ" عن الصفات الستة کلها فی عناوین قصصه القصیرة، دون أن یترک إحدى الصفات دون أن یعبر عنها فی أحد عناوین قصصه القصیرة.

وقد عبَرت الصفات الست لعنوان القصة القصیرة عند الکاتب "أحمد الشیخ" عما تدل علیه فی هذا العنوان، فقد کان هناک توافق بین معناها وبین ما یمیز العنوان.

فاحسن الکاتب "أحمد الشیخ" اختیاره لهذه العناوین التی لقصصه القصیرة لاتفاقها مع الأسس الصحیحة لاختیار کلمة عنوان القصة القصیرة ، وذلک بتطابق کلمة العنوان فی القصة القصیرة  مع إحدى صفات عنوان القصة القصیرة ، وربط العنوان بالسرد فی القصة القصیرة.

 

2-1 مصطلح التناص

إن الکاتب عن طریق التناص یجعل القارئ یستفاد من النص الآخر الذی یدخله باستخدام التناص فی النص المتناول. 

ویعنى مصطلح (التناص) وجود "علاقة حضور متزامن لنصین أو أکثر داخل إطار نصى واحد، سواء حرفیا وتنصیصیا، أو بالإشارة کما فى الاستشهاد والتضمین" ([9])

وفی المجموعة القصصیة (دائرة الانحناء) ، فی القصة القصیرة (العجوز والصبى)

(لم أنم لیلتها .. لم یفکر مرافقى فى الراحة ... ظللنا ساهرین نرقب الظلام الکئیب والعدم ... سمعنا المؤذن " یا مؤمنین الصلاة " سألت مرافقى عن مکان المؤمنین " الصلاة خیر من النوم "  سألنى قریبى عن سلطان النوم الهارب .. طلع صبح بلا اشراق .. بعد أن بزغ فجر شعاع .. تحرک الخلق الى الخلاء بلا رغبة .. وهربنا من منعطفات القریة أنا ومرافقى الى المدینة الکبیرة ... ترکتک معها أمانة فى الأحشاء .. ) ([10])

فی الصراع فی القصة القصیرة کان هناک نص یحکی عن أن الراوی لم ینم فی لیلة تطلیقه لزوجته، ولم یفکر مرافق الراوی فی الراحة، ظلوا ساهرین یرقبون ظلام اللیل الکئیب والسکون، وأدخل الکاتب نص آخر فی هذا النص وهو أن البطل سمع المؤذن ینادی للصلاة " یا مؤمنین الصلاة " فسأل مرافقه عن مکان الصلاة لیصلی الفجر بکنایته عن صلاة الفجر بإدخال نص آخر فی هذا النص الذی هو " الصلاة خیر من النوم "، وسر جمال الکنایة الإتیان بالمعنى (أن القیام لصلاة الفجر أکثر خیراً من النوم)مصحوباً بالدلیل الذی هو جملة (خیر من) فی إیجاز، ثم رجع الکاتب للنص الأصلی بأن سأل قریب الراوی الراوی عن النوم الهارب الذی لا یستطیع فعله ،  وطلع الصبح علیهم فی حزن، وتحرَک الناس إلى الطریق فی یأس، وهرب الراوی ومرافقه من منعطفات القریة إلى المدینة الکبیرة، وقد ترک ابنه أمانة فی أحشاء أمه فهو یرید الاطمئنان علیه وعلى حاله فى عدم وجوده مع أمه. 

وأتى الکاتب بمصطلح التناص حرفیًا وتنصیصیًا فی نداء المؤذن للصلاة بإدخال فی النص الأصلی نص آخر الذی هو " یا مؤمنین الصلاة "،

وأتى الکاتب بمصطلح التناص بإدخال فی النص الأصلی نص آخر أیضاً عن طریق الإشارة لصلاة الفجر من خلال الاستشهاد بنص یدل علیها ککنایة عنها، وذلک هو " الصلاة خیر من النوم ".

 

 

2-2 قضایا اللغة السردیة

 2-2-1 السرد التهکمی والسخریة فی البناء الفنى

یأتى الکاتب بالسرد التهکمی کترکیز منه على موقف یرید الإشارة إلیه وتوضیحه عن طریق السخریة والتهکم، ویکون الغرض منه التعجب والاستنکار.

لعل من أهم ما فى قصص أحمد الشیخ هو بناؤها الفنى الذى یجعل من السخریة عنصرًا مهمًا فى الکشف عن مواطن الخلل فى المجتمع . وتأتى السخریة فى العادة مغلفة بخفة الدم الشعبیة المعروفة عن أبناء الطبقة الکادحة من المصریین , وهم أبطال کل قصصه تقریباً. (2)

وهذا العنصر الساخر یمثل إحدى اللوازم فى أعمال أحمد الشیخ. (3)

وإلى جانب هذه المفردة التى فرضت نفسها وعلى السرد فى القصص کلها، نجد مفردات بعینها یفرضها الموقف وتقتضیها لتکتمل دلالة التهکم ؛) (4) .... مثل:

  • استخدام مفردة ذات دلالات شعبیة.
  • استخدام تشبیهات تهکمیة.
  • الإشارة إلى المفارقات.
  • التهکم من الفراق بین البطل والبطلة بالطباق.
  • توظیف التعبیرات الشعبیة.
  • أو التعبیرات المستحدثة.
  • أو التعبیرات الموروثة. (1)

ونجد ذلک فی المجموعة القصصیة (رسَام الأرانب) فی القصة القصیرة (رسَام الأرانب)، (ولم أکتف بذلک بل أضفت مجموعة من العیون السحریة فى أماکن متفرقة من الباب المسکوک کإجراء وقائى یحمینى من کل الاحتمالات غیر المحسوبة لو فکر فى العودة فى ظلمة المساء، ) (2)

والمفعول (المسکوک) من الفعل (سکَ) ، وهو مفردة ذات دلالات شعبیة ، ومعنی سکَ فی المعجم الوسیط الشیء . سکًا: سدَه. و . الباب أو الخشب وغیرهما: ضبَبه بالحدید، أوسمَره بالمسامیر. و . الکلام السَمع: أصمَه لشدته. ویقال: ماسکَ سمعی مثل ذلک: مادخل. و . الباب: أغلقه. و . أذنیه: استأصلهما. و . البئر: حفرها ضیقة. و . النقود: طبعها على السکة. (3)

ونجد القصة القصیرة ، (أوشکت أن تتحول إلى کائن کروى طوله مثل عرضه، ) (4)

حیث استخدم الکاتب التشبیهات التهکمیة التی منها أنه شبه حال أم البطل بأنها اقتربت أن تتحول إلى کائن کروی طوله مثل عرضه، ویدل هذا التشبیه التهکمی على أن أم البطل أصبحت سمینة من کثرة القعود لأنها قلیلة الحرکة.

ونجد فی القصة القصیرة

( کان فى واقع الأمر یحرضنى على الفرار بنفسى ویدعونى للتخلى عن دورى کحارس أمین ووحید بعد فرار الکل من المساهمة أو المساعدة فى القیام بدور الابن لأم حاضرة وغائبة فى ذات       الوقت،) (5)

ففی النص استخدم الکاتب الطباق بین کلمتی :

حاضرة ، غائبة ، وسر جمال الطباق أنه یوضح المعنى ویؤکده .

ونجد فی القصة القصیرة

( ترک الأرض وفر وهو یهمس فى أذنى بینما یشیر إلى مساحة من فراغ أرض الوطن :

ــ  طبلت، هذه الأرض طبلت. ) (6).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

________________

__

1ـ أنظردکتوریوسف نوفل : فى السرد العربى المعاصر ،  ص 58 .

2ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة (رسَام الأرانب) ، القصة القصیرة (رسَام الأرانب) ، ص 19.

3ـ مجمع اللغة العربیة : المعجم الوسیط ، القاهرة ، الطبعة الثالثة عام 1998م .

4،5،6ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة (رسَام الأرانب) ، القصة القصیرة (رسَام الأرانب) ، ص15 ـ ص18 ـ ص13 ـ ص14.

 

 

 

 

 

 

 

 

ففی النص وظَف الکاتب التعبیرات الشعبیة التی منها:

ــ طبلت، هذه الأرض طبلت. ) لیعبر عن أن الأخ الأکبر للراوی  یقصد أن أصبحت هذه الأرض لا قیمة ولا فائدة لها .

ونجد فی القصة القصیرة

( لکننى کنت أرسمها دون تزویق أو تخفیف مفتعل لحدة الصراع الدائر بدعوى تنعیم الصورة الخشنة حتى لا تتململ العیون التى تشاهد الصورة من شراسة التفاصیل، ) ([11])

ففی القصة القصیرة وظَف الکاتب التعبیرات المستحدثة التی منها (دون تزویق) لیعبر الکاتب عن أن الراوی  یروى أنه کان یرسم شراسة خصومات ذکور الأرانب بدون أن یضیف فی رسمه على حقیقتها شیء. 

ونجد فی القصة القصیرة

( جاء أخى الأصغر من بلاد  الشمال وقد خلعوا لسانه وزرعوا مکانه لسانا آخر یرطن بلغة غریبة مع امرأة غریبة لها طباع غریبة وملابس أغرب، ) ([12])

ففی العقدة فی القصة القصیرة وظَف الکاتب التعبیرات الموروثة التی منها (لسانا آخر یرطن) لیعبر الکاتب عن أن الراوی روى التغییر الذی حدث للأخ الأصغر له بعد رجوعه من السفر إلى بلاد الشمال الذی کان یتمثل فی لسانه الذی شبَه الکاتب حاله بأنهم خلعوه وزرعوا مکانه لساناً آخر یتکلم بلغة أخرى، ویدل هذا التشبیه على غرابة لسانه وتغییر لغته.

 

2-3 قضایــــا الحــــــوار

2-3-1 الحــــــــوار:

 

( الحوار أو الدیالوج، هو المحادثة التى تدور بین شخصیة أو أکثر، وهو أحد أهم التقنیات الفنیة المشارکة فى البنیة القصصیة، لأنه أولًا نافذة بلیغة وحارة یطل منها الصدق وینفذ إلى حنایا القصة، وثانیًا: لأنه وسیلة فنیة لتقدیم الشخصیات والأحداث والتعریف بها من داخلها لا من خارجها، بلسانها ولیس بلسان الراوى أو المؤلف.) ([13])

 

الحوار الخارجی( الدیالوج ) :-

إن الحوار الخارجی( الدیالوج ) له فوائد عدة تساعد القارئ على الوصول إلى هدف الکاتب المنشود من القصة القصیرة ، تلک التی منها تطویر موضوع القصة القصیرة حتى یصل الکاتب إلى نهایة هدفه ، ویقلل من متابعة السرد ورتابته ، ولا یجعل القارئ یشعر بالملل ، إلى جانب أنَ هذا الحوار وسیلة لإظهار الشخصیات والتعریف بها بلسانها ولیس بلسان الکاتب .([14])

 

ویقوم الکاتب بإدخال هذا الحوار داخل النص وربطهما الاثنین معاً ، وتتناسب لغة الحوار مع المستوى الثقافی للمتحاورین .

ونجد أن أحمد الشیخ یجید أسلوب تضفیر الحوار فی سیاق النص . ([15])

ونجد ذلک فی المجموعة القصصیة(کشف المستور) فی القصة القصیرة (الزائر) ،

(وعندما ینهى زیارته ، کان أبى یوجه اللوم إلینا جمیعاً لأننا عارضناه بمثل هذه الطریقة التى لا تناسب رجلاً مثله .

-         أنتم لا تفهمون العم أمین ولا تعرفون کیف تتعاملون معه ، إنه رجل عجوز یعیش فى الزمن القدیم ولا یهتم بشئ مما یدور فى أذهانکم ، وهو یأتى لزیارتنا مؤدیاً واجبًا اعتاد علیه ، لقد کان الجیل القدیم یؤدى الواجبات الأسریة ویحافظ على العلاقات مهما تکبد من مشقة أو تعب ، کان الواحد منهم یسعى لزیارة الآخر والاطمئنان علیه حتى ولو سافر یوماً أو یومین راکباً أو مترجلاً على قدمیه . کانوا أکثر ترابطاً وحبًا ، وربما أکثر توکلاً وبساطة .

کان أخى سعید یهز رأسه مظهراً عدم رضاه ثم یقول  :

-         لقد تغیرت الدنیا یا أبى ، أصبح للزمن قیمة ، ثم ما معنى تلک الزیارات التى لا هدف لها بالنسبة لعجوز مثله ؟ ) ([16])

ونجد الأحداث التی تتبع الحوار الخارجی ( الدیالوج ) فی نفس القصة القصیرة هی الأحداث الآتیة :

(یهمهم أبى بکلام غیر مفهوم ثم یتناول الصحیفة الیومیة التى لابد أنه کان قد قرأها فى الصباح ، یقلبها بین یدیه متظاهراً بالإطلاع علیها ، ذلک أن أبى عندما یسمع کلاماً لا یرضى عنه أو لا یوافق علیه ، یتظاهر بالإطلاع على الصحیفة أو یتشاغل عمن یتکلم معه وکأنه یطالبه بالسکوت ، ویبلغه فى ذات الوقت أنه لیس على استعداد للاستمرار فى ذلک الحوار.) ([17])

 

ونجد فی القصة القصیرة

 (کان حزینا على غیر عادته ، حدثنا عن بعض الأقارب ممن کان یزورهم مثلنا وینقل أخبارهم :

ــ  کنت أذهب لزیارتهم ، لاأکلفهم شیئاً ،  الحمد لله ، معاشى یکفینى ، أنا رجل وحید ، کل ما أطلبه هو أن أجد فى هذا العالم من یرحب بوجودى معه ، لکن فى آخر زیارة لهم کان الأمر یختلف ، تشاغلوا عنى ، لم یستمعوا إلى کلماتى ، ترکونى وحیداً فى حجرة الصالون ، الناس تغیرت یا عبد السمیع ، یعاملوک من أجل مصالحهم ، وعندما تصبح عجوزاً مثلى ، فإنهم یتعاملون معک بغیر حماس أو ترحیب ، لن أزورهم بعد الیوم . . . لن أزورهم . ) ([18])

ونجد الأحداث التی  تتبع الحوار الخارجی (الدیالوج) فی نفس القصة القصیرة هی الأحداث الآتیة (على هذا النحو کان یتشکى ، وعلى امتداد الأیام التالیة کانت شکایاته من الأقارب تتزاید. وبدأت زیاراته لنا تتزاید، فکلما تناقص عدد البیوت التى یدخلها . . . زادت زیاراته إلینا ،) ([19])

ففی القصة القصیرة قام هذا الحوار بتطویر موضوع القصة القصیرة إلى النهایة بما أضافه الحوار من معنى جدید بتعریف وتقدیم الشخصیات من داخلها لا من خارجها فی صدق وحیویة عن طریق أن أب البطل دافع على لسانه عن زیارات "عم أمین" المتکررة، فهو یرى أنه یؤدى الواجبات الأسریة کما کان یفعل الجیل القدیم الذی کان أکثر ترابطاً وحبًا وأکثر توکلاً وبساطة من الجیل الجدید، لکن أخ البطل "سعید" یقول على لسانه أن الزمن تغیَر وأصبحت قیمته تختلف حالیاً عنها قدیماً، فلا یوجد هدف لزیارات "عم أمین" خاصةً لعجوز مثله کبر فی السن، وأجاد الکاتب"أحمد الشیخ" أسلوب تضفیر الحوار فی سیاق النص فخفف هذا الحوار من رتابة السرد وبعد عن القارئ الشعور بالملل بأن قام الکاتب بربط هذا الحوار بالسرد فی سیاق النص بتعبیره فی السرد فی سیاق النص الذی جاء بعد هذا الحوار عن أن أب البطل قام بإطلاعه على الصحیفة لیظهر بذلک تشاغله عمن یتکلم معه کأنما یطالبه بالسکوت ورغبته فی عدم الاستمرار فی ذلک الحوار، وتناسبت لغة الحوار مع ثقافة طرفی الحوار اللذین هما أب البطل وأخ البطل، فأب البطل مثقف فهو یعتاد على قراءة الصحیفة،  وکان أخ البطل لیس بجاهلاً فهو یخبر أباه أن قیمة الزمن فی هذه الأیام  تختلف عنها قدیمًا، وجاءت لغة الحوار باللغة العربیة الفصحى.

وإنی أجد عند الکاتب "أحمد الشیخ" حواراً خارجیًا (الدیالوج)منفردًاً، فأجد کثیراً حوارًاً خارجیًا (الدیالوج) من جهة واحدة للحوار ولا یکون هناک طرف آخر فی نفس الحوار.

ففی الصراع فی القصة القصیرة أظهر الحوار الخارجی (الدیالوج) صدق وحیویة فیما عبَر به "عم أمین" وهو یتشکى من عدم اهتمام أقاربه عن طریق حوار من جهة واحدة للحوار (عم أمین) لا رد علیه من الجهة الأخرى للحوار (أسرة البطل)، وقام الحوار بتطویر موضوع القصة القصیرة إلى النهایة بما أضافه من معنى جدید بتعریف وتقدیم الشخصیات من داخلها لا من خارجها فی صدق وحیویة عن طریق "عم أمین" الذی کان یشکى على لسانه لأسرة البطل من التغیر الذی حدث من أقاربه، وذلک بأن أقاربه تشاغلوا عنه فی آخر زیارة زارها لهم، فهم کانوا یعاملونه من أجل مصالحهم، وعندما أصبح"عم أمین" عجوزاً لم یرحبوا به.

وأجاد الکاتب "أحمد الشیخ" أسلوب تضفیر الحوار فی سیاق النص فخفف هذا الحوار من رتابة السرد وأراح القارئ من متابعة هذا السرد وبعد عنه الشعور بالملل، فقام الکاتب بربط هذا الحوار بالسرد فی سیاق النص بتعبیره فی  السرد فی سیاق النص الذی جاء بعد هذا الحوار عن أن البطل یروى أن شکایات "عم أمین" من عدم اهتمام أقاربه به عند زیاراته لهم کانت بمرور الوقت تتزاید، وبدأت زیاراته لهم تتزاید، فکلما تناقص عدد البیوت التی یزورها کلما زادت زیارته لهم، مما زاد من عبء تلک الزیارة لتکرارها باستمرار دون ضرورة لها، وتناسبت لغة الحوار مع ثقافة الطرف القائل للحوار الذی هو "عم أمین"، فهی تدل بما تحتوى من معانى على أنه کان یفید أقاربه فی مصالحهم قبل أن یصبح عجوزاً، وجاءت لغة الحوار باللغة العربیة الفصحى. 

 

الحوار الداخلی(المونولوج)

هو حواریدوربین الإنسان ونفسه،  ([20])

إن الحوار الداخلی (المونولوج) یخرج ما بداخل الشخصیة من إحساسات مما یربط بین الأحداث، فهو یأتى به الکاتب لیعبر فی صدق فهو من وعی الإنسان ولا وعیه ومن أعماقه التی یعبر فیها عما یجیش فی صدره ولا یملک البوح به لأعز الأصدقاء وأقرب المقربین، ولذلک السبب فهو یرتفع بما یرد فیه من اعترافات ومناجاة وآهات وأشجان ودموع وضعف أو استعراض أمانی ومشروعات.

والحوار الداخلی (المونولوج) مثل الحوار الخارجی (الدیالوج) وسیلة فنیة لتقدیم الشخصیات والأحداث والتعریف بها من داخلها لا من خارجها، وإضفاء الصدق والحیویة على النص.

وینقسم الحوار الداخلی (المونولوج ) إلى مونولوج مباشر باستخدام الکاتب لضمیر السرد للمتکلم (أنا) وإلى مونولوج غیر مباشر باستخدام الکاتب لضمیر السرد للغائب (هو). 

ویکون المونولوج المباشر باستخدام الکاتب لضمیر السرد للمتکلم (أنا) بصیغة الأنا بوصفه مشارکاً، فتندمج فیها شخصیتی الراوی والبطل، ویفضِلها المتلقی لعدم وجود وسیط فیها بینه وبین البطل فی القصة القصیرة.

ویکون المونولوج المباشر باستخدام الکاتب لضمیر السرد للمتکلم (أنا )  بینما یکون المونولوج غیر المباشر باستخدام الکاتب لضمیر السرد للغائب(هو).

(إنه ــ إذن ــ  وسیلة لنقل وجهة نظر الشخصیة تجاه ما هى بصدده من حوادث، ومواقف،  وهذه الوسیلة،  هدفها الأساسى هو توضیح ما یمکن أن یغمض على المتلقى، من مواقف تتخذها الشخصیة فیما یتبع استخدام المونولوج من أحداث. ) ([21])

(على هذا الأساس یخرج المونولوج متسقاً مع السرد المنطقى، المتتابع،  الموهم بالواقعیة،  مما یجعل من تنظیم هذا المونولوج، وجعله منطقیاً سمة أساسیة لدیهم، ) ([22])

( إن هذا الحضور الواضح من قبل السارد،  هو ما یعد فارقا أساسیا بین المونولوج المباشر، وغیر المباشر، وهو ما تنبع منه فروق أخرى تقنیة مثل "استخدام وجهة نظر المفرد الغائب بدلا من وجهة نظر الفرد المتکلم، ومثل استخدام الطرق الوصفیة والتفسیریة على نحو واسع .. وإمکان تحقق المزید من الترابط، والمزید من الوحدة الشکلیة فى اختیار المواد المعالجة، وإمکان تحقیق الانسیاب والإحساس بالواقعیة فی تصویر حالات الشعور فى الوقت نفسه" . ) ([23])

ومن المونولوج المباشر باستخدام ضمیر السرد للمتکلم (أنا) فی المجموعة القصصیة (مدینة الباب) فی القصة القصیرة(تأملات رجل فوق مقعد صخرى)،

( قلت لنفسى وأنا أتململ فوق مقعدى ان عدم اهتمامى بالحدیث مع زملاء الحجرة فى أمور العلاوات والترقیات وحل الکلمات المتقاطعة جر على مشکلة تستفحل کل یوم . . وان ملفات التعلیمات المتکررة فوق المکاتب تتضخم وهو أمر سوف یدعو الى تحریک السعاة رغم اعتیادهم على الکسل ورغبتهم فى التجمع والثرثرة حول القروش التى أصبح الأفندیة یبخلون بها علیهم رغم احتیاجهم الشدید الیها . . وأن الأمر سوف یحتاج الى مراتب صغیرة فوق الکراسى حرصا على صحة الأفندیة من نزلات البرد الداهم حین تحل وتتسرب الى المقاعد . . وقد تضمنت ملفات التعلیمات التحذیر من قراءة الکف أو النقاش فى أمور الحرب وهو الأمر الوحید الذى أستطیع أن أجیده . . وأنه بالتالى سوف یؤدى ذلک الى اجلاسى فوق مقعدى الصخرى کصخرة . . ) ([24])

وما یتبع هذا المونولوج من أحداث فی القصة القصیرة،

(ولما لم أفهم الأسباب التى تدعو الى ذلک بوضوح طلبت أجازة مرضیة هربا من رطوبة الجو وخلاصا من الأوامر والى أن یحین الوقت للتحرر من رهبتها بالتقادم . ) ([25])

ففی القصة القصیرة یدور الحوار الداخلی (المونولوج) بین الراوی البطل وبین نفسه، ویعبر هذا الحوار فی صدق من خلال وعی الراوی البطل ولیس من لاوعیه، ومن أعماقه التی لا یملک البوح عما فیها لزملائه فی العمل ومدیریه، لذلک السبب یرتفع هذا المونولوج بما یرد فیه من آهات من المعاناة.

ویکون هذا الحوار الداخلی (المونولوج) مثل الحوار الخارجی (الدیالوج)  وسیلة فنیة لتقدیم الراوی البطل والتعریف به من داخله لا من خارجه فهو یسد الفجوة لإظهار ما یفکِر فیه الراوی البطل وما یستشعر به من إحساس، وجعل الکاتب هذا المونولوج منطقی فکان سبب تقدیم الراوی البطل على أجازة مرضیة هو عدم اهتمام الراوی البطل بالحدیث مع زملاء الحجرة فی أمور العلاوات والترقیات وحل الکلمات المتقاطعة مما أحدث له مشکلة تزداد کل یوم، وأن ملفات التعلیمات المتکررة فوق الکاتب تتضخم مما یحرک السعاة الذین اعتادوا على الکسل والثرثرة على القروش التی أصبح الأفندیة یبخلون بها علیهم رغم احتیاجهم الشدید إلیها، والأمر یتطلب مراتب فوق الکراسی فقد یتسرب البرد إلیها، وقد تضمنت ملفات التعلیمات التحذیر من قراءة الکف أو النقاش فی أمور الحرب وهو الأمر الوحید الذی یجیده الراوی البطل، وبالتالی کانت نتیجة تلک الأوامر والتعلیمات أنها ستؤدى إلى إجلاس الراوی البطل فوق مقعده الصخری کصخرة مما أضفى الحیویة والصدق على النص.

وجاء المونولوج بضمیر السرد للمتکلم (أنا)، لذلک کان نوع المونولوج مونولوج مباشر، مما ألغى الفاصل الذی بین الراوی البطل والمتلقى، فتندمج شخصیتی الراوی والبطل بصیغة "الأنا بوصفه مشارکاً ، فکان موقع الراوی هو البطل ، وصوته هو ضمیر السرد للمتکلم (أنا) فی کلمات ( قلت، لنفسى، وأنا، أتململ، مقعدى، اهتمامى، على، أستطیع، أن أجیده، اجلاسى، مقعدى ).

          وکان ما جاء فی المونولوج سببًاً فی تقدیم الراوی البطل طلب أجازة مرضیة، وقام المونولوج بتوضیح موقف الشخصیة وربطه بما یتبعه من أحداث، تلک الأحداث التی تبعت المونولوج والتی فیها أن هناک أسباب أخرى لطلب الراوی البطل الأجازة المرضیة، وهی هربًا من رطوبة الجو وخلاصا من الأوامر وإلى أن یحین الوقت للتحرر من رهبتها بالتقادم.

وقام الکاتب بتنظیم وتتابع المونولوج فی نظام وجعله منطقیًا فالماضى ثم الحاضر ثم المستقبل،  فجاء صدور الأوامر والتعلیمات فی الماضى ثم تقدیم الراوی البطل لطلب الأجازة المرضیة فی الحاضر التی کان سببها تلک الأوامر والتعلیمات ثم رغبة الراوی البطل فی التحرر من رهبة تلک الأوامر والتعلیمات بالتقادم فی المستقبل.  

ومن المونولوج غیر المباشر باستخدام الکاتب لضمیر السرد للغائب (هو) فی المجموعة القصصیة(دائرة الانحناء) فی القصة القصیرة (عنق الزجاجة)،

( ود للحظة عابرة أن یترک السفینة لیواجه بحارتها بأنفسهم مصیرهم المحتوم . . فاما المضى الى المضیق أو العودة المخذولة الخطوات .. ) ([26])

والأحداث التی تقدمت المونولوج غیر المباشر فی نفس القصة القصیرة هی الأحداث الآتیة،

( تسربت الى قلب القبطان قطرات الیأس فکادت تسحقه . . . ضغط الغیظ فوق مرارته فکادت تنفجر . . ) ([27])

والأحداث التی تبعت المونولوج غیر المباشر فی القصة القصیرة هی الأحداث الآتیة،

( قهقه البحار القابع فى برج المراقبة فجلجل صوته کمعتوه أطرش فى فراغ المحیط .. ومن جدید تحرکت الأمواج . . اهتزت السفینة هزات عنیفة . . . کادت المیاه أن تنفذ من خلال السور الى سطحها . . کان جوفها یعب الماء من خلال الهوة التى تسبب فیها قرن الجبل . . حسب البعض أن روح الشیطان تتابع السفینة من مکان خفى فى أحد أرکانها . . ) ([28])

ففی القصة القصیرة استخدم الکاتب الحوار الداخلی (المونولوج) لسد الفجوات لإظهار ما تفکر فیه شخصیة البطل فی القصة القصیرة (القبطان)، وهو مجرد استرسال فی التعبیر عن المشاعر الدفینة أو النوایا التی یعتزم صاحبها البطل فی القصة القصیرة (القبطان)العمل على تنفیذها، التی هی أن البطل فی القصة القصیرة (القبطان) یفکر ویدور فی رأسه فی لحظة عابرة أن یترک السفینة لیواجه بحارتها بأنفسهم مصیرهم المحتوم إما المضی للوصول إلى المکان المرغوب أو الرجوع دون تحقیق الغرض المقصود.

ویعبر هذا المونولوج فی صدق من وعی البطل فی القصة القصیرة(القبطان) لیس من لاوعیه، ومن أعماقه التی لا یملک البوح عمَا فیها لأقرب المقربین مثل بحار المراقبة، ولذلک السبب یرتفع بالمونولوج بما یرد فیه من آهات من المعاناة والکبد وأشجان ودموع وضعف.

وعبَر هذا المونولوج کوسیلة فنیة لتقدیم الشخصیات من داخلها لا من خارجها وهو إظهار رغبة البطل القبطان فی لحظة عابرة فی التخلى عن السفینة لیواجه بحارتها بأنفسهم مصیرهم المحتوم، وقام هذا المونولوج بإضفاء الشعور بالحیویة والصدق فی النص، لأن الراوی الکاتب روى مصیر البحارة فی السفینة إما المضی إلى المضیق أو العودة المخذولة الخطوات التی فیها الفشل التام.

کان نوع هذا المونولوج مونولوج غیر مباشر ففیه سمح موقع الراوی للکاتب داخل النص بالتدخل الصریح عبر إعادة الصیاغة بحیث ذاب الخطاب الداخلی لشخصیة البطل فی القصة القصیرة (القبطان) فی خطاب السارد الکاتب، لذلک کان المونولوج غیر المباشر باستخدام الکاتب لضمیر السرد للغائب (هو) بدلاً من الضمیر المعتاد للمونولوج بشکله المألوف بضمیر السرد للمتکلم (أنا)، وکان موقع الراوی هو الکاتب، وصوته هو ضمیر السرد للغائب(هو) فی کلمات (تسحقه، مرارته، لیواجه، بحارتها، بأنفسهم، مصیرهم ).

وقام هذا المونولوج بتوضیح موقف شخصیة البطل (القبطان) فی القصة القصیرة وربطه بما یتقدمه ویتبعه من أحداث مما یحقق المزید من الترابط بین الأحداث والمزید من الوحدة الشکلیة فی اختیار المواد المعالجة، وذلک بربط المونولوج بما یتقدمه من أحداث التی هی یأس البطل (القبطان) من مصیر السفینة وغیظه، وربط ذلک بالمونولوج نفسه الذی هو رغبة البطل (القبطان) فی لحظة عابرة فی التخلى عن البحارة فیها، وربط هذا المونولوج بما یتبعه من أحداث التی فیها أن کان لا یشعر بحار المراقبة بالموقف الذی کانت فیه السفینة، فکان یضحک ضحکاً یجلجل فی فراغ المحیط کمعتوه أطرش، وقد أحدث قرن الجبل فتحة فى السفینة فکانت تسمح لدخول المیاه فی جوفها.

وکان تنظیم هذا المونولوج متتابعاً ومنطقیًا، فقد استخدم الراوی الکاتب فی هذا المونولوج غیر المباشر الطرق الوصفیة والتفسیریة مما یشعر القارئ بانسیاب وواقعیة الأحداث، فقد وصف وفسَر الراوی الکاتب أن السبب الذی هو رغبة البطل(القبطان) فی لحظة عابرة فی ترک قیادة السفینة للبحارة لیواجهوا بأنفسهم مصیرهم المحتوم(فی الزمن الحاضر)،  ستکون نتیجته التی وصفها وفسَرها الراوی الکاتب بأن سیکون فیها أمام هؤلاء البحارة اختیارین اللذین هما إما التوجه إلى المضیق الذی هو المکان الذی تقصده السفینة (فی زمن المستقبل)، وإما عودة السفینة والإحساس بالخسارة وعدم تحقیق المراد لعدم وصول السفینة إلى المکان المطلوب (فی زمن المستقبل).  

 

2-4 توظیــــف الشعریـــــة

إن الشعریة ذات لغة رومانتیکیة تعبرعنها خبرة الکاتب دون استعراض للقدرات البلاغیة التقلیدیة التی لا یتحملها ذوق القارئ المعاصر .

وتصدر هذه الشعریة عن قصد من الکاتب ، وذلک عن طریق اختیاره للألفاظ ، ویکتفى الکاتب فی الشعریة فی القصة القصیرة بالإشارة والتلمیح ولیس المباشرة والتصریح، وقام فیها بالتعبیر عن اختلاجات الروح وتوترات القلب.

ولابد أن یتوفر فی شعریة القصة القصیرة عمق المجاز والرمزیة ودقة الوصف وسلاسة وکثافة العبارة.

(وتکاد القیمة الذاتیة للألفاظ تنحصر فى تلک المتعة الحسیة التى یجدها المتلقى مستمعا أو قائلاً أو مرددا ، وهى متعة تنشأ من تتابع أجراس حروفها ، ومن توالى الأصوات التى تتألف منها فى المنطق ، وفى الوقوع على الأسماع  . ) ([29])

(ویؤکد الاعتقاد بأنها رومانتیکیة أنها فى العادة تتناول موقفًا واحدًا لشخصیة واحدة أو اثنتین على الأکثر، ومن ثم فهى لا تعنى بالأحداث بقدر عنایتها بالأعماق،بالمشاعر الدفینة، وما یؤرق نفس بطلها، ولهذا فهى ذاتیة،) ([30])

(ولعل الأسالیب الجدیدة التى یتبعها الحذاق من الکتاب لکسر البنیة التقلیدیة للعبارة وتحطیم أطرها الثابتة بالتقدیم، والجملة التى تبدأ بظرف زمان أو مکان وقد تبدأ بنداء أو بحرف جر ... کل ذلک یؤثر بشکل فاعل ونافذ فى تفجیر الإحساس بالشعریة فى القصة المعاصرة، ) ([31])

ونجد ذلک فی المجموعة القصصیة (کلام مساطب) فی القصة القصیرة( لو کنتى طاوعتینى زمان)،

(وإنتى المسئوله

 عن الأحلام / الکوابیس

وأوهامى ف حبک

وإنتى المسئوله

عن کل مفاسد زمنى وزمنک

وعن غدر الأصحاب

الخاینین أسمى وأسمک

واللى باعوا بالتمن البخس

مستقبل ناسنا وناسهم

واللى زرعوا کل بذور الشک

فى کل اللى کنَا بنآمن بیه

أنا وإنتى . . وهمَا

إنتى المسئوله

 

ولاحدش غیرک مسئول ) ([32])

ونجد فی القصة القصیرة ،

(جایالى بعد ما ضاع نص العمر بلاش

تقولیلى أنا غلطت . . . وسامحنى ؟

وتعالى نفوق من غفلتنا

ونبدأ من أول وجدید

نبدأ من أول وجدید ؟ إزاى. ؟

وإمتى . . وفین ؟

مش لازم أجدَد توب القدره الدایب ؟ ) ([33])

ففی العقدة فی القصة القصیرة استطاع الکاتب تحقیق تلاؤم الألفاظ فی جرس موسیقی رائع، فنشأت المتعة الحسیة من تلاؤم الألفاظ عن طریق توالى الأصوات التی تتألف منها فی المنطق بأن احسن الکاتب اختیار تلک الألفاظ مما أضاف للثروة اللغویة ألفاظاً متجانسة مثل ألفاظ (زمنى وزمنک ، أسمى وأسمک)، ونشأت المتعة الحسیة لتلاؤم الألفاظ أیضاً من تتابع أجراس حروف الألفاظ فی الوقوع على الأسماع مثل إتیان الکاتب للبدیع فی ألفاظ ( ف حبک، زمنى وزمنک، أسمى وأسمک ) مما أدى إلى حسن الایقاع.

          ففی القصة القصیرة أظهر الکاتب عوامل الشعریة وتوجد فی القصیدة التی هی الثروة اللغویة والدقة والاقتصاد والتکثیف مما یرقى القصة القصیرة من نثر تقلیدی إلى قصیدة منثورة عن طریق التلمیح ولیس التصریح وذلک بالإجمال دون التفصیل فی دقة واقتصاد وتکثیف فی ذکر المفاسد التی تسببت فی حدوثها البطلة فی القصة القصیرة بعد عدم ارتباطها بالبطل فی القصة القصیرة فی الزمن الماضى، وذلک بأنها مسئولة عن کل مفاسد زمن البطل والبطلة وعن غدر الأصحاب وخسة الخائنین الذین باعوا بالثمن الرخیص مستقبل الناس، وزرعوا الشک فی کل الذی کان فیه الیقین.

وفی القصة القصیرة تناولت الشعریة فیها موقف واحد لشخصیتین هما البطل والبطلة فی القصة القصیرة الذی هو وجود أحاسیس الرومانتیکیة بین البطل والبطلة، واهتمت هذه الشعریة بالمشاعر الدفینة لکل من البطل والبطلة فهی شعریة ذاتیة خاصة، فالبطلة فیها ترید أن ترجع للبطل فی القصة القصیرة لیبدأا من جدید ویستعیدا حبهما، ولکنها عندما لم ترتبط به فی الزمن الماضى تسببت فی حدوث مفاسد وخسائر.

ونجد فی القصة القصیرة

(کنت اتحکَمت ف کل الکون ) ([34])

ففی القصة القصیرة توفَر فی شعریة القصة القصیرة عمق المجاز، ففی هذه الجملة مجاز مرسل علاقته الکلیة یدل على أن البطل فی القصة القصیرة کان سیحصل على کل ما یرغب فیه ویریده  إذا کان ارتبط بالبطلة فی الزمن الماضى.

ونجد فی القصة القصیرة

(بسمة رضا للشمس

الواعیه بدور الداده ) ([35])

ففی القصة القصیرة توفَرت فی شعریة القصة القصیرة الرمزیة ، ففی جملة (بدور الداده) ترمیز، فهذه الجملة رمز لرعایة الشمس للبطلة وخدمتها وتوفیر لها کل متطلباتها والعمل على راحتها لو کانت طاوعت البطلة البطل فی الزمن الماضى بأن ترتبط به.

ولکسر البنیة التقلیدیة للعبارة فی الشعریة فی القصة القصیرة وتحطیم أطرها الثابتة قام الکاتب بعمل التقدیم والتأخیر فی داخل الجمل والتلوین فی الجملة الأسمیة والفعلیة وأتى بالجمل التی تبدأ بظرف زمان وظرف مکان والجمل التی تبدأ بنداء والجمل التی تبدأ بحرف جر، وتوجد الشعریة فی هذه الجمل.

ونجد فی القصة القصیرة

(کنت اتخطیت بیکى

ولیکى حدود الممکن ) ([36])

التقدیم : ففی النص قدَم الکاتب فی الجملة التی فیها الشعریة شبه جملة (بیکى ولیکى) على المفعول به (حدود الممکن) .

ونجد فی نفس القصة القصیرة

(وسواس خناس وسوس لى ) ([37])

التأخیر : ففی النص أخَر الکاتب فی الجملة التی فیها الشعریة الفعل (وسوس) بعد الفاعل (وسواس)، والاستعاضة عن الفاعل (وسواس) بضمیر مستتر تقدیره (هو).

 

 

ونجد فی القصة القصیرة

(والقلب التایه یرتاح) ([38])

ففی النص استخدم الکاتب فی الشعریة التلوین فی الجملة الإسمیة بأن أتى الکاتب بالجملة الإسمیة على شکل مبتدأ(والقلب)، وخبرها هو الجملة الفعلیة التی تتکون من الفعل (یرتاح)، والفاعل الذی هو ضمیر مستتر تقدیره (هو).

 

ونجد فی القصة القصیرة

(وینظَم نبضه القلقان ؟ ) ([39])

ففی الحل أو لحظة التنویر فی القصة القصیرة استخدم الکاتب فی الشعریة التلوین فی الجملة الفعلیة بأن أتى الکاتب الجملة الفعلیة تتکون من الفعل (وینظَم)، والفاعل الذی هو ضمیر مستتر تقدیره(هو)، والمفعول به (نبضه).

          والجملة التی تبدأ بظرف زمان فی الشعریة فی الصراع فی نفس القصة القصیرة مثل،
( مع إنى ملدوع منک ) ([40])

واستخدم الکاتب الجملة التی تبدأ بنداء فی الشعریة فی العقدة فی القصة القصیرة،

( یا سلام.یاسلام على رقة قلبک) ([41])

واستخدم الکاتب الجملة التی تبدأ بحرف الجرفی الشعریة فی البدایة فی القصة القصیرة،

(وبنفس الهیئه ونفس الصوت) ([42])

 

 

2-5 اتباع القیم الدینیة

إن العظة الدینیة تحث علی سمات أخلاقیة وتربویة یجب الاتصاف بها دون ترکها.

( ولم تلبث القصة منذ العصر الإسلامى أن حققت تقدما أکثر من حیث المفهوم والهدف. فقد أضیف إلى جانب کونها وسیلة لنقل الخبر وروایته هدف آخر هو الهدف الأخلاقى والتربوى الذى قصد من وراء استخدامها فى میدان الوعظ والوصایا واتخاذها شواهد تتضمن عظات تربویة واخلاقیة . ) ([43])

ونجد ذلک فی المجموعة القصصیة ( النبش فى الدماغ ) فی القصة القصیرة (غیاب المواطن سید غزال)،

( وهکذا ترون یا أبنائى أن الذین نجحوا فى الحیاة أقل منزلة منکم عند الخالق ، أنتم اشتریتم الآخرة بالأولى ، أما هم فیرغبون فى ثلاث : المرأة والمال والسلطة . وکلها أمور مبهجة وإن کانت من عرض الدنیا الزائل . . بل إنها لا تدوم حتى فى الدنیا ، ولکم نسمع أنهم یتصارعون على أکثرها دواماً وهى السلطة ، یتزاحمون علیها ویتکایدون من أجلها ، یتوسلون إلیها بشتى الوسائل ناسین أنها لا تدوم ، فاتقوا الله یا أولادى وبیعوا الدنیا فهى فانیة واستمسکوا بحبل الله عسى أن یحفظکم ویتم علیکم نعمته وتکونوا من أهل الجنة ". ) ([44])

ففی النص قیم دینیة یدعو الإسلام إلی اتباعها، ففیه عظات دینیة کان یحث الشیخ علیها البطل فی القصة القصیرة والحاضرین معه فی المسجد فی دروس رمضان الذی کان قد مضى فی القصة القصیرة، وکانت هی ترک نعیم الدنیا الزائل والرغبة فی نعیم الآخرة الذی یدوم، فیکون هدف العظة الدینیة هو التحلی بالمثل العلیا التی تتمثل فی أن الشیخ کان یعظهم بأن هناک ثلاث یرغب الناس فیهم فی نعیم الدنیا، وهم المرأة والمال والسلطة، فلابد من ترک التزاحم من أجل السلطة الأکثرهم دواماً، وترک الکید من أجلها، فالناس تتصارع من أجل الحصول علیها ناسین أنها لا تدوم، ولابد من التمسک بمبادیء وتعالیم الإسلام والقیم الأخلاقیة النبیلة لأن ذلک هو أقرب طریق إلى الجنة.    

فاستطاع الکاتب التعبیر عن ضرورة التحلى بأخلاق الإسلام الحمیدة بما دعا إلیه فی هذه العبارة التی فی القصة القصیرة من زهد وورع وتقوى. 

 

2-6 التکثیـــــــف والترکیـــــز

جاءت الجمل مطولة عند الکاتب "أحمد الشیخ" وذلک لإیصال المعنى المراد دون رغبة فی الإکثار من التفاصیل ، فالقصة القصیرة عنده مجموعة جمل ولیس فقرات وتحقق الهدف الموحد منها ، وهی عددها قلیل لأنها مطولة ، وهی تحتاج إلى تأمل وتفکیر عمیق من القارئ کما فعل الکاتب لیستوعب ما یقصد الکاتب منها. (ورغم قصر القصة القصیرة فإن الجملة تأتى ــ أحیاناً ــ مطولة . ومعروف أن طبیعة القصة القصیرة تحتاج إلى التکثیف والترکیز ، واختیار الجمل الحادة المجدولة التى لا تحتمل کلماتها تأویلاً ودلالات کثیرة قد تبعد اهتمام القارئ عن الترکیز فى دائرة محددة . ) ([45])

( "أما الحقل الآخر فیختلف عن هذا الحقل؛ إذ یعمد إلى التکثیف والإیجاز، وذلک إمَا بالاقتضاب فیما یتصل بالأمور المعلومة، ) ([46])

ونجد ذلک فی المجموعة القصصیة (خطافة العیال) فی القصة القصیرة (خطافة العیال)، ( طرقع الولد بالکرباج وأمسک باللجام وناداه بالاسم الذى أطلقه علیه أول ما رآه فطار البغل مرة ومرة ومرَات، من فرحة الرجل بالبغل کان یسأل خال الولد إن کان هذا البغل غیر کل بغال الدنیا أو أنه من الممکن أن یطاوع الولد إذا طلب منه أن یتناسل أو یلد. )(4)

ففی النهایة فی القصة القصیرة جاء الکاتب بالجملتین مطولتین فعبَرا عن المعنى کله دفعة واحدة دون تجزئة فی تکثیف وترکیز، وذلک للبعد عن التشتیت، وهو معنى دون تأویل دلالات کثیرة فی أن البغل عندما ینادیه الولد بالاسم الذی جعله الولد اسمه فی المرة الأولى التی رآه  فیها یطیعه ویسرع مرات عدیدة، وذلک دون الإتیان بدلالات کثیرة تبعد القارئ عن الترکیز فی معنى الحدث، وذلک دون الإتیان بغیر دلالات الهدف الموحد الذی هو أن البغل یطیع الولد فیسرع مرات عدیدة، وهاتان الجملتان عبَرتا عن المعنى دون الاکثار من التفاصیل التی یمکن الاستغناء عنها، وذلک بالتعبیر بإختصار عن أن بسبب فرحة الرجل صاحب البغل کان یسأل خال الولد عن سر سرعة هذا البغل عندما یأمره الولد بالانطلاق، وإن کان یمکن أن یطیع الولد عندما یأمره  بأن یتناسل ویلد.     

فأتى الکاتب "أحمد الشیخ" بالجملتین فقرتین، وهما تحتاجان إلى تفکیر من القارئ على قدر جهد الکاتب لیشعر بمدى اختلاف حالة البغل مع هذا الولد.

وأتى الکاتب"أحمد الشیخ" بالاقتضاب فی أجزاء من الجمل المطولة، مثل الاقتضاب فی ( فطار البغل مرة ومرة ومرَات،) للتعبیر عن الأمور المعلومة التی هی کثرة عدد المرات التی أسرع فیها البغل، لأن التکثیف والإیجاز فی الاقتضاب ظهر فی کلمات (مرة ومرة ومرَات)، ومثل الاقتضاب فی (کان یسأل خال الولد إن کان هذا البغل غیر کل بغال الدنیا أو أنه من الممکن أن یطاوع الولد إذا طلب منه أن یتناسل أو یلد. )، للتعبیر عن الأمور المعلومة التی هی خیالیة من الفانتازیا فهی نتیجة اختلاف هذا البغل عن کل بغال الدنیا فهی أن یطیع البغل الولد بأن یتناسل أو یلد، وسببها طاعة البغل للولد عندما یأمره بالانطلاق فیسرع، لأن التکثیف والإیجاز فی الاقتضاب ظهر فی (إن کان هذا البغل غیر کل بغال الدنیا أو أنه من الممکن أن یطاوع الولد إذا طلب منه أن یتناسل أو یلد. )

2-7 الاختـــــــــــزال

إن الاختزال هو حذف الکاتب حرف أو أکثر من حروف الکلمة أو حذف الکاتب کلمة أو أکثر من کلمات الحوار. ( اختزال صورة الکلمة هو حذف بعض الأصوات من الکلمة اختصاراً لبنیتها وتسییراً للنطق بها ، ) ([47])

(واقتضى السرد الموحى الرامى إلى الاختزال اختزال المواقف الحواریة، ) ([48])

ونجد ذلک فی المجموعة القصصیة(کلام مساطب) فی القصة القصیرة (لا تعایرنى ولا أعایرک)،

(وکنا بنسرح سوا ف الغیطان ونحکى) ([49])

ففی البدایة فی النص اختزال  الکاتب لکلمة (سویًا) إلى کلمة (سوا)، وذلک بحذف الکاتب لحرف الیاء منها اختصاراً لبنیتها وتسییراً للنطق بها، فتحولت لغتها من اللغة العربیة الفصحى إلى اللغة العامیة.

ونجد ذلک فی المجموعة القصصیة (کشف المستور) فی القصة القصیرة (الاکتشاف)، (بدا کائناً آلیًا یستطیع أن یتحکم فى صمامات نفسه بنفسه وبسرعة أصدر أوامره إلى مدیر الشئون المالیة والإداریة ، أصدرها بصرامة وحسم :

-     کفوا عن هذا التهریج . . أنتم تعملون فى شرکة محترمة وتحصلون على رواتب محترمة .

هکذا صرخ مدیر الفرع وسط الدهشة الجماعیة . . وهکذا فرض علیهم الصمت للحظات . . لکنهم لم یستطیعوا الاستمرار فى طاعته أکثر . . ذلک أنهم ضحکوا وضحکوا وضحکوا . . وقف فى مواجهتهم وعیناه المذعورتان تدوران فى محجریهما کأنه فأر سقط فى مصیدة لا مخرج له منها . . کان یصرخ . .

-     عیب . عیب یا ولد . ) ([50])

ففی القصة القصیرة اختزل الکاتب سبب قول البطل (المدیر) الجملة الحواریة ( ــ  کفوا عن هذا التهریج . . أنتم تعملون فى شرکة محترمة وتحصلون على رواتب محترمة . )، فهو اختزل الکلمات التی تدل على السبب الذی هو إلقاء العاملین فی الشرکة للنکات أثناء قیامهم برحلة تبعاً للشرکة التی یعملون بها فی کلمة (هذا التهریج )، واختزل الکاتب الجملة الحواریة الثانیة ( ــ عیب . عیب یا ولد . ) بأن الکاتب لم یذکر هذا السبب المختزل فی الجملة الحواریة الثانیة.

 

2-8 التصــــویـــر

إن الکاتب یعبر من خلال التصویر عن علاقة مشابهة بین طرفی التصویر فی المعنى المراد، وإذا حذف الکاتب أحد طرفی التصویر یأتى الکاتب بشئ من لوازم ما حذف، ویعبر عمَا یدل علیه التصویر.

(الاستعارة       metaphor  )

الاستعارة فی البلاغة العربیة کما عرفها السکاکی (626ه) ــ هی تشبیه حذف منه المشبه به أو المشبه، ولابد أن تکون العلاقة بینهما المشابهة دائماً ، کما لابد من وجود قرینة لفظیة أو حالیة مانعة من إرادة المعنى الأصلی للمشبه به أو المشبه . والغرض منها إیضاح الفکرة و إبراز الصورة البلاغیة بمظهر جمیل یؤثر فی العاطفة ویلهب الخیال . ) ([51])

2-9 الاستعارة المکنیة

هی ما حذف فیها المشبه به مع ذکر شیء من لوازمه ، ([52])

(أما الصورة الجزئیة ، فنعنى بها الصورة التى تعتمد على التجسید، والتشخیص وتراسل مدرکات الحواس ، وتأتى فى سیاق البناء القصصى ، من خلال السرد ، أو الحوار ، ولا یکون الترابط النفسى عاملا جوهریا للربط بین جزئیاتها ، بقدر ما تعتمد على الترابط بین الجمل ، والعبارات فى الصیاغة ، وقد تجسدت هذه الصورة ، بهذا المفهوم عند معظم الکتاب المجددین ، أمثال " أحمد الشیخ " ، ([53])

 (هکذا تظهر دلالة عنایة السرد بالوصف اللونى أو الرمز اللونى. ) ([54])

ونجد ذلک فی المجموعة القصصیة (مدینة الباب) فی القصة القصیرة (الأمنیات الحبیسة)،

(مرة أخرى سوف أحدثکم عن حدث السقوط فى دوامات اللحظات القاتمة والتى أستحیل فیها الى شئ محمول فى فراغ دون امکانیة الوقوف والثبات . ) ([55])

ففی البدایة فی القصة القصیرة عبَر الکاتب عن الاستعارة المکنیة التی هی (دوامات اللحظات القاتمة )، وفیها شبه الکاتب اللحظات القاتمة بشیء مادی له دوامات، وحذف المشبه به وأتى بشیء من لوازمه وهو (دوامات)، وسر جمال هذه الاستعارة التجسیم، وتدل هذه الاستعارة على تکرار هذه اللحظات وکثرة الدخول فیها، وفیها استعارة مکنیة أخرى، ففیها شبه الکاتب اللحظات بأنها شیء مادی له لون وحذف المشبه به وأتى بشیء من لوازمه وهو (القاتمة)، وسر جمال هذه الاستعارة التجسیم، وتدل هذه الاستعارة على حدوث ضرر فی تلک اللحظات.

وقامت الصورتان الجزئیتان اللتان هما الاستعارتان المکنیتان على التجسید، وإعمال مدرکات حواس القارئ لفهم المعنى المراد من تلک الاستعارتین المکنیتین، وأتى الکاتب بتلک الاستعارتین المکنیتین من خلال السرد، وتصف الاستعارتان المکنیتان اللحظات القاتمة فی لحظات الحرکة (دوامات)، وقامت الاستعارتان المکنیتان هنا على السرد المباشر الذی یخلو من الحشو، وکان فی وصف لون اللحظات بأنها قاتمة فی الاستعارة المکنیة شاعریة، ففی اختیار وصف لون الزمن بهذا الوصف ترمیز فهو رمز یدل على التعاسة فی هذه اللحظات. 

2-10 توظیف تراثی ، وأسطوری

إن التراث هو نمط ثقافی ممیز یربط الفرد بالجماعة کما یصل الحاضر بالماضی، وهو یؤثر علینا فی حیاتنا، وعلى أفکارنا، ومفاهیمنا وتصوراتنا.

(1 . أسطورة :

جمع : أساطیر . ( س ط ر). : ـ

تحکی لی أساطیر من حینٍ لآخر : ـ :

حکایة عجیبة ، تروی أحداثاً تاریخیة کما تتخیلها الذاکرة الشعبیة ، أو کما یراها الخیال الشعبی ،          ملحمة .) ([56])

ونجد فی المجموعة القصصیة (مدینة الباب) فی القصة القصیرة (سادس أیام الخلق)،

(کانت اللحظة المرتقبة قد حلت فانزاحت الهموم القدیمة وتحولوا الى کائنات جدیدة ، لم یکن الامر مجرد عبور لجسر أو لحاجز ، کان أکبر ، اندفعوا بحماس طائر مفلوت من قبضة ید ، حلقوا فى الفضاء أو تسللوا عبر الاثیر وحطوا على رمال الشاطئ الآخر ، عبروا بکل معداتهم ذلک الممر المائى ذى التاریخ الحافل والسمعة الرنانة ، ) (2)

فنجد أن الأسطورة حدثت ثم سجلت فی التراث ، فتمثلت الأسطورة فی معرکة حرب السادس من أکتوبر عام ألف وتسمعائة وثلاثة وسبعین فی إحساس جنود الوطن بضرورة قیامهم بتلک المعرکة من أجل استعادة أرض الوطن، فحارب الجنود فی تلک المعرکة وعبروا خط بارلیف الحصین وانتصروا فی تلک المعرکة وأعادوا المدینة التی علی الشاطیء الشرقی إلی أرض الوطن ،  فسجلت فی التراث تلک الأسطورة.

2ـ11 تعدد ضمائر السرد بین المتکلم والغائب والمخاطب

هناک فوائد عدیدة لاستخدام الکاتب لضمیر السرد للمخاطب (أنت)، منها جعل القارئ لا یشعر بالغرابة وإیهامه بواقعیة الحدث ومشارکته للکاتب دون وجود حاجز بینه وبین الکاتب.

 (رابعا : استخدام الضمیر(أنت) :

یعد استخدام الضمیر(أنت) من طرق السرد الحدیث، التى تغیر من شکل ومحتوى القصة القصیرة،

 وتستخدم هذه الطریقة إما لتوجیه خطاب مباشر من الراوى إلى الشخصیة، ) ([57])

( أو فى التوجه بالخطاب ـ مباشرة ـ إلى القارئ، عبر ما یسمیه جیرار جینت (وظیفة التواصل)، ([58])

ونجد استخدام الکاتب لضمیر السرد للمخاطب (أنت) فی المجموعة القصصیة (کلام مساطب) فی القصة القصیرة(ترکة موت المطرود) ،

(حتى لو حلفوا لک ، وقالوا لک

إنَى عشت ف طول العمر ، أحبَک

مش ح أنکر ولا أخبى ، وح أقولَ

إنى غصبن عنى کرهتک

ولو إنى إبنک من صلبک

ووریثک ف دیونک ، أیام فقرک

وشریکک ف سنین المر وقهرک

وزمن توهانک وف أیام غلبک) ([59])

ففی البدایة فی القصة القصیرة استخدام الکاتب لضمیر السرد للمخاطب (أنت) فی توجیه الخطاب المباشر من الراوی البطل إلى الشخصیة (أب الراوی البطل) فی کلمات (لک، لک، أحبَک، کرهتک، إبنک، من صلبک، ف دیونک، فقرک، وشریکک، وقهرک، توهانک، غلبک)، فلم یجعل الکاتب باستخدام ضمیر السرد للمخاطب(أنت) فی الخطاب المباشر أن یشعر الراوی البطل أباه بالغرابة من خلال أن الراوی البطل عبَر عن أن الناس أکدوا وقالوا لأبیه أن الراوی البطل عاش طوال عمره یحبه، ولم یجعل الکاتب باستخدام ضمیر السرد للمخاطب(أنت) فی الخطاب المباشر أن یشعر الراوی البطل أباه بوجود حاجز بینه وبین الراوی البطل من خلال أن الراوی البطل عبَر بتوجیه الخطاب المباشر لأبیه عن أن الراوی البطل لن ینکر ولن یخبئ ویقول أنه رغماً عن إرادته کرهه، وجعل الکاتب باستخدام ضمیر السرد للمخاطب(أنت) فی الخطاب المباشر  إیهام الراوی البطل لأبیه بواقعیة الحدث من خلال أن الراوی البطل عبَر عن أنه وریثه فی دیونه وأیام فقره، وشریکه فی سنین المر وقهره وفی زمن توهانه وفی أیام المر والمعاناة.

ونجد استخدام الکاتب لضمیر السرد للمخاطب(أنت) فی المجموعة القصصیة (عرض مجانى للجمیع) فی القصة القصیرة(کوابیس ومنامات )،  

( ورغم المواجع أمسکت بالقلم وقلت أکتب لکم حکایتى مع الحلم الإنسانى أو الکابوس الأفغانى

والجرح العربى فهل تمانعون ؟ ) ([60])

ففی النهایة فی القصة القصیرة استخدام الکاتب لضمیر السرد للمخاطب(أنت) فی توجیه الخطاب المباشر من الراوی البطل إلى المتلقین(ناس زمن الراوی البطل) فی کلمات ( لکم، فهل تمانعون ؟ )، فلم یجعل الکاتب باستخدام ضمیر السرد للمخاطب(أنت) فی الخطاب المباشر أن یشعر الراوی البطل المتلقین(ناس زمن الراوی البطل) بالغرابة من خلال أن الراوی البطل عبَر أنه أمسک القلم لیکتب لهم حکایاته، وجعل الکاتب باستخدام ضمیر السرد للمخاطب (أنت) فی الخطاب المباشر إیهام الراوی البطل المتلقین( ناس زمن الراوی البطل) بواقعیة الحدث من خلال أن الراوی البطل عبَر عن أنه یکتب لهم حکایاته رغم المواجع التی یشعر بها، وجعل الکاتب باستخدام ضمیر السرد للمخاطب (أنت) فی الخطاب المباشر عدم وجود حاجز بین الراوی البطل والمتلقین(ناس زمن الراوی البطل) من خلال أنه یکتب لهم حکایته مع الحلم الإنسانی أو الکابوس الأفغانی والجرح العربی، ویسألهم إن کانوا یمانعون فی أن یکتب لهم هذه الحکایات أم لا یمانعون، فیقترب بهذا الحکی والاستفهام من المتلقین(ناس زمن الراوی البطل).

ویجعل الکاتب من خلال الانتقال عبر الضمائر الانتقال بین شخصیات القصة القصیرة فیغیرها.

(ونلاحظ أن الضمیر(أنا) یقوم  ــ  ها هنا  ــ  بالربط بین مقاطع مرویة بالضمیر(هو). ([61])

ونجد ذلک فی المجموعة القصصیة(النبش فى الدماغ) فی القصة القصیرة (النجوم)،

(قال لنفسه متحاملا " فى کل مرة تدعى أنها کذبت على أمها للمرة الأولى من أجلى ، لکنها برغم کونها تکذب وتنسى أو تتناسى تنصرف وکأنها صادقة وکأننى على استعداد دائم لتصدیقها ".) ([62])

ففی العقدة فی القصة القصیرة استخدم الکاتب ضمیر السرد للغائب (هو)

فی (لنفسه )، وهو ضمیر یعود على البطل فی القصة القصیرة ثم استخدم  الکاتب فی المونولوج نفس الضمیر فی بدایته فی (أنها، أمها )، وهو ضمیر یعود على البطلة فی القصة القصیرة، ثم انتقل منه إلى ضمیر السرد للمتکلم (أنا) فی (أجلى)، وهو ضمیر یعود على البطل نفسه، ثم انتقل منه إلى ضمیر السرد للغائب (هو) فی ( لکنها ، کونها )، وهو ضمیر یعود على البطلة فی القصة القصیرة، ثم انتقل منه إلى ضمیر السرد للمتکلم (أنا) فی (وکأننى)، وهو ضمیر یعود على البطل نفسه، ثم انتقل منه إلى ضمیر السرد للغائب (هو) فی (لتصدیقها)، وهو ضمیر یعود على البطلة فی القصة القصیرة.

فبانتقال الکاتب بین ضمیری السرد للغائب (هو) وللمتکلم (أنا) انتقل بین شخصیتی البطل والبطلة فی القصة القصیرة فتنوعت الشخصیة فی القصة القصیرة.

 

 

 

 

 

                                      

 

 

 

 

 

 

                                        قائمة المصادر والمراجع

 

أولاً : المصادر

مصادر البحث هی المجموعات القصصیة للکاتب "أحمد الشیخ" ، وهی :

-         دائرة الانحناء : الهیئة المصریة العامة للتألیف والنشر، المطبعة الثقافیة، 1970م.

-         مدینة الباب : مطابع الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1983م.

-         کشف المستور : دار المعارف، القاهرة، 1984م.

-         النبش فى الدماغ : مطابع الهیئة المصریة العامة للکتاب، 2000م.

-         رسَام الأرانب : شرکة الأمل للطباعة والنشر، الهیئة العامة لقصورالثقافة، 2002م.

-         کلام مساطب : شرکة الأمل للطباعة والنشر، الهیئة العامة لقصور الثقافة، الطبعة الأولى، القاهرة - 2009م.

ثانیاً : المراجع العربیة

أحمد فؤاد : السرد المعاصر جمالیات ومناهج وتجریب، القاهرة، 2014م.

بدوى طبانة (د) : قضایا النقد الأدبى، المطبعة الفنیة الحدیثة، القاهرة، سنة 1971م.

حامد أبوأحمد (د)  :  قراءات فى القصة القصیرة، مطابع الهیئة المصریة العامة للکتاب، الطبعة الأولى 2006م.

حسین القبَانی :  فن کتابة القصَة، الناشر مکتبة المحتسب عمان، الطبعة الثانیة 1974م.

5ـ  سعید الوکیل (د) : نزهات أخرى فی غابة السرد ــ ط 1. ــ القاهرة: الدار المصریة اللبنانیة، 2017م. 

6ـ السعید الورقى (د) : إتجاهات القصة القصیرة فى الأدب العربى المعاصر فى مصر، الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1979م.

7ـ  سید حامد النساج (د)  : أصوات فى القصة القصیرة المصریة، دار المعارف، القاهرة، 1994م.

8ـ  شوقى بدر یوسف : جبل الثلج العائم، دراسات فى القصة القصیرة، القاهرة 2007م. 

9ـ  شوقى بدر یوسف : الروایة والروائیون، دراسات فى الروایة المصریة، الإسکندریة 2005م.

10ـ  صلاح فضل (د) : سردیات القرن الجدید ــ ط1. ــ القاهرة: الدار المصریة اللبنانیة، 2015م. 

11ـ عبد الحمید إبراهیم : نحو روایة عربیة، القاهرة 2005م.

12ـ  فؤاد قندیل : فن کتابة القصة، الدار المصریة اللبنانیة، 2007م.

13ـ  مراد عبد الرحمن مبروک (د) : الظواهر الفنیة فى القصة القصیرة المعاصرة فى مصر1967 ــ 1984، مطابع الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1989م.

14ـ هیثم الحاج على : التجریب فى القصة القصیرة، دراسة فى قصة یوسف الشارونى، شرکة الأمل للطباعة والنشر ، الهیئة العامة لقصور الثقافة، 2000م.

15ـ  یمنى العید، الراوى : الموقع والشکل، بحث فى السرد الروائى، الشارقة 2006م.

16ـ  یوسف نوفل (د) : القصة بعد جیل نجیب محفوظ، دار المعارف، القاهرة، 2000م.

17ـ  یوسف نوفل (د) : فى السرد العربى المعاصر، دار العالم العربى، القاهرة، الطبعة الأولى: ینایر 2011م.

                                                           

ثالثاً : المعاجم                                                                                             

   1   ـ مجدی وهبه، کامل المهندس : معجم المصطلحات العربیة فى اللغة والأدب، مکتبة لبنان، بیروت، الطبعة الثانیة، 1984م.

2    ـ  مجمع اللغة العربیة : المعجم الوسیط، القاهرة، الطبعة الثالثة عام 1998م .

 

 

                     



1ـ دکتور یوسف نوفل : فى السرد العربى المعاصر ، ص 62       

      2ـ  السابق : ص 62

[3]ـ السابق : ص 62 .

[4]ـ السابق : ص 63 .

[5]ـ السابق : ص 63 .

[6]ـ السابق : ص 63 .

[7]ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة (کلام مساطب) ، القصة القصیرة(زمن الأغوات) ، ص 137 .

[8]ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة (دائرة الانحناء) ، القصة القصیرة(الکرسى المهزوز) ، ص 69 .

1ـ هیثم الحاج على : التجریب فى القصة القصیرة ، دراسة فى قصة یوسف الشارونى ، ص 95 .

[10]ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة (دائرة الانحناء) ، القصة القصیرة(العجوز والصبى) ، الهیئة المصریة العامة للتألیف والنشر ، 1970 ، ص 22 .

2ـ دکتور حامد أبو أحمد : قراءات فى القصة القصیرة، الهیئة المصریة العامة للکتاب، الطبعة الأولى، 2006م، ص 160

3ـ السابق : ص 161 . 

4ـ دکتوریوسف نوفل : فى السرد العربى المعاصر ، ص58 .

[11]ـ السابق : ص 17       

[12]ـ  السابق : ص 14

[13]ـ فؤاد قندیل : فن کتابة القصة ، الدار المصریة اللبنانیة ، 2007 ، ص 187.

[14]ـ  أنظرحسین القبَانی: فن کتابة القصَة ، ص 94.

[15]ـ أنظر دکتور حامد أبو أحمد : قراءات فی القصة القصیرة ، ص 161 .

[16]ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة(کشف المستور) ، القصة القصیرة(الزائر) ، دار المعارف ، القاهرة ، 1984 ، ص 10 ـ ص 11 .

1 ـ السابق : ص 11 .

[18] ـ السابق : ص 14 .

[19] ـ السابق : ص 14 .

[20] ـ فؤاد قندیل : فن کتابة القصة  ،  ص206.

[21] ـ هیثم الحاج على : التجریب فى القصة القصیرة ، دراسة فى قصة یوسف الشارونى ، شرکة الأمل للطباعة والنشر ، یولیو ، 2000 ، ص 360 .

[22] ـ السابق : ص 360 .

[23] ـ السابق : ص 410 .

[24] ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة(مدینة الباب) ، القصة القصیرة(تأملات رجل فوق مقعد صخرى)،مطابع الهیئة المصریة العامة للکتاب ، 1983 ، ص 82 ـ ص 83 .

[25] ـ السابق : ص 83 .

[26] ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة(دائرة الانحناء) ، القصة القصیرة(عنق الزجاجة) ، الهیئة المصریة العامة للتألیف والنشر ، 1970 ، ص 74 ـ ص 75 .

[27] ـ السابق : ص 74 .

[28] ـ السابق : ص 75 .

[29] ـ الدکتور بدوى طبانه : قضایا النقد الأدبى ، المطبعة الفنیة الحدیثة ، القاهرة ، سنة 1971 م ، ص 174 ـ ص 175 .

[30]  ـ فؤاد قندیل : فن کتابة القصة ، ص 117 .

[31]  ـ السابق : ص 118 .

[32] ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة(کلام مساطب) ، القصة القصیرة(لو کنتى طاوعتینى زمان ) ، شرکة الأمل للطباعة والنشر ، 2009 ، ص 94 ـ ص 95 .

[33] ـ السابق : ص 95 ـ ص 96 .

[34] ـ السابق : ص 97 .

[35] ـ السابق : ص 99 .

[36] ـ السابق : ص 96 .

[37] ـ السابق : ص 100 .

[38] ـ السابق : ص 101 .

[39] ـ السابق : ص 101 .

[40] ـ السابق : ص 100 .

[41] ـ السابق : ص 95 .

[42] ـ السابق : ص 94 .

[43] ـ الدکتور السعید الورقى : إتجاهات القصة القصیرة فى الأدب العربى المعاصر فى مصر ، دار المعارف ، القاهرة ، ص 26 .

[44] ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة (النبش فى الدماغ) ، (غیاب المواطن سید غزال) ، صفحة 155 ـ ص 156 .

[45] ـ دکتور سید حامد النساج : أصوات فى القصة القصیرة المصریة ، دار المعارف ، القاهرة ، 1994 ، ص 109 .

[46] ـ دکتور یوسف نوفل : فى السرد العربى المعاصر ، صفحة 61 ،   4 ـ أحمد الشیخ : القصة القصیرة (خطافة العیال) ، ص 19 .

[47] ـ مجدی وهبه ، کامل المهندس : معجم المصطلحات العربیة فی اللغة والأدب ، مکتبة لبنان ، بیروت ، الطبعة الثانیة ، 1984 ، ص 15 .

[48] ـ دکتور یوسف نوفل : فى السرد العربى المعاصر ، ص 62 .

[49] ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة(کلام مساطب) ، القصة القصیرة(لا تعایرنى ولا أعایرک) ، ص 79 .

[50] ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة (کشف المستور)، القصة القصیرة(الاکتشاف) ، دار المعارف ، القاهرة ، 1984 ، ص 48.

[51] ـ معجم المصطلحات العربیة فی اللغة والأدب : ص 27 .

[52] ـ السابق : ص 29 .

[53] ـ دکتور مراد عبد الرحمن مبروک : الظواهر الفنیة فى القصة القصیرة المعاصرة فى مصر 1967 _ 1984،مطابع الهیئة المصریة العامة للکتاب ، 1989 ، ص 105 .

[54] ـ دکتور یوسف حسن نوفل : القصة بعد جیل نجیب محفوظ ، دار المعارف ، القاهرة ، 2000 ، ص 75 .

[55] ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة (مدینة الباب) ، القصة القصیرة (الأمنیات الحبیسة) ، ص 104 .

[56] ـ مجمع اللغة العربیة : المعجم الوسیط، القاهرة ، الطبعة الثالثة عام 1998 ، 2 ـ القصة القصیرة(سادس أیام الخلق)،ص134.

2 ـ هیثم الحاج على : التجریب فى القصة القصیرة ، دراسة فى قصة یوسف الشارونى ،  ص 422 .

3 ـ السابق : ص 422 ـ ص 423.

[59] ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة(کلام مساطب)، القصة القصیرة(ترکة موت المطرود)، ص 113

[60] ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة ( عرض مجانى للجمیع )، القصة القصیرة ( کوابیس ومنامات )، ص 95 .

[61] ـ هیثم الحاج على : التجریب فى القصة القصیرة ، دراسة فى قصة یوسف الشارونى ، ص 414 .

[62] ـ أحمد الشیخ : المجموعة القصصیة ( النبش فى الدماغ ) ، القصة القصیرة ( النجوم ) ، ص 41 ـ ص 42.

 
أولاً : المصادر
مصادر البحث هی المجموعات القصصیة للکاتب "أحمد الشیخ" ، وهی :
-         دائرة الانحناء : الهیئة المصریة العامة للتألیف والنشر، المطبعة الثقافیة، 1970م.
-         مدینة الباب : مطابع الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1983م.
-         کشف المستور : دار المعارف، القاهرة، 1984م.
-         النبش فى الدماغ : مطابع الهیئة المصریة العامة للکتاب، 2000م.
-         رسَام الأرانب : شرکة الأمل للطباعة والنشر، الهیئة العامة لقصورالثقافة، 2002م.
-         کلام مساطب : شرکة الأمل للطباعة والنشر، الهیئة العامة لقصور الثقافة، الطبعة الأولى، القاهرة - 2009م.
ثانیاً : المراجع العربیة
أحمد فؤاد : السرد المعاصر جمالیات ومناهج وتجریب، القاهرة، 2014م.
بدوى طبانة (د) : قضایا النقد الأدبى، المطبعة الفنیة الحدیثة، القاهرة، سنة 1971م.
حامد أبوأحمد (د)  :  قراءات فى القصة القصیرة، مطابع الهیئة المصریة العامة للکتاب، الطبعة الأولى 2006م.
حسین القبَانی :  فن کتابة القصَة، الناشر مکتبة المحتسب عمان، الطبعة الثانیة 1974م.
5ـ  سعید الوکیل (د) : نزهات أخرى فی غابة السرد ــ ط 1. ــ القاهرة: الدار المصریة اللبنانیة، 2017م. 
6ـ السعید الورقى (د) : إتجاهات القصة القصیرة فى الأدب العربى المعاصر فى مصر، الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1979م.
7ـ  سید حامد النساج (د)  : أصوات فى القصة القصیرة المصریة، دار المعارف، القاهرة، 1994م.
8ـ  شوقى بدر یوسف : جبل الثلج العائم، دراسات فى القصة القصیرة، القاهرة 2007م. 
9ـ  شوقى بدر یوسف : الروایة والروائیون، دراسات فى الروایة المصریة، الإسکندریة 2005م.
10ـ  صلاح فضل (د) : سردیات القرن الجدید ــ ط1. ــ القاهرة: الدار المصریة اللبنانیة، 2015م. 
11ـ عبد الحمید إبراهیم : نحو روایة عربیة، القاهرة 2005م.
12ـ  فؤاد قندیل : فن کتابة القصة، الدار المصریة اللبنانیة، 2007م.
13ـ  مراد عبد الرحمن مبروک (د) : الظواهر الفنیة فى القصة القصیرة المعاصرة فى مصر1967 ــ 1984، مطابع الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1989م.
14ـ هیثم الحاج على : التجریب فى القصة القصیرة، دراسة فى قصة یوسف الشارونى، شرکة الأمل للطباعة والنشر ، الهیئة العامة لقصور الثقافة، 2000م.
15ـ  یمنى العید، الراوى : الموقع والشکل، بحث فى السرد الروائى، الشارقة 2006م.
16ـ  یوسف نوفل (د) : القصة بعد جیل نجیب محفوظ، دار المعارف، القاهرة، 2000م.
17ـ  یوسف نوفل (د) : فى السرد العربى المعاصر، دار العالم العربى، القاهرة، الطبعة الأولى: ینایر 2011م.
                                                           
ثالثاً : المعاجم                                                                                             
   1   ـ مجدی وهبه، کامل المهندس : معجم المصطلحات العربیة فى اللغة والأدب، مکتبة لبنان، بیروت، الطبعة الثانیة، 1984م.
2    ـ  مجمع اللغة العربیة : المعجم الوسیط، القاهرة، الطبعة الثالثة عام 1998م .