نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
قسم اللغة العربية، کلية البنات، جامعة عين شمس
المستخلص
الموضوعات الرئيسية
لقد روى لنا التاریخ أن البصریین هم الذین وضعوا علم النحو واستنبطوا قواعده، وتعهدوه بالرعایة قرابة قرن من الزمان تقریبًا، کانت فیه الکوفة منصرفة عنه بما شغلها من روایة الأشعار والأخبار، والمیل إلى التندر بالطرائف من الملح والنوادر، ثم تکاتف الفریقان على استکمال قواعده، واستحثهما التنافسُ الذی جَدَّ بینهما، حتى خرج هذا العِلمُ تام الأصول کامل العناصر([1]).
وعندما رأس أبو العباس ثعلب علماءَ الکوفة وأبو العباس المبرد علماءَ البصرة, انتقل هذانِ العالمانِ للتعلیم فی بغداد حاضرة العِلم والحضارة آنذاک, فاشتدَّ بینهما الصراع والتنافس، وکثرت المناظرات, مما جعل الدارسین یُقْبلون علیهما, ویأخذون عنهما معًا، ثم یتخیرون من هذا وذاک ما یراه کُلُّ واحد مناسبًا لتفکیره واتجاهه واجتهاده؛ فأدّى ذلک إلى نشأة مدرسة نحویة جدیدة، سُمِّیت بالمدرسة البغدادیة، اعتمد أصحابُها على مبدأ الانتخاب والاختیار من آراء مدرستی البصرة والکوفة معًا، والاجتهاد فی استنباط آراء جدیدة([2]).
ولقد عُدَّ ابنُ الشجری (ت542هــ) واحدًا من أشهر نحاة المدرسة البغدادیة فی القرن السادس الهجری([3])، فتنوعت آراؤه بین البصریة والکوفیة، فتارة یمیل إلى رأی نحاة البصرة فیرجحه ویأخذ به، وتارة یعتمد رأی نحاة الکوفة ویرجحه، أو یجیزه مع غیره من الآراء، وتارة یجتهد فیخرج برأی جدید، ویقف هذا البحث على طرف من ملامح موافقة ابن الشجری لآراء نحاة الکوفة، سواء بذکره الصریح لدلالات الموافقة والاستحسان أو بالسکوت الدال على الإجازة وعدم الاعتراض. وقد اعتمد الباحث على المنهج الوصفی التحلیلی، ورَتَّب المسائل المطروحة حسب ترتیب ألفیة ابن مالک، وختم بمسائل حروف المعانی مرتبة ترتیبًا ألفبائیًّا حسب اسم الحرف، ولیس اسم المسألة، وذُیِّلَ البحثُ بقائمة للمراجع مرتبتةً ترتیبًا ألفبائیًّا حسب عنوان الکتاب.
1- الألف المحذوفة من مصدر (أَفْعَلَ) المعتل العین
اختلف النحاة فی المحذوف من مصدر صیغة (أَفْعَلَ) المعتل العین، مثل: (أقام، أخاف، أقال، ونحوها) هل المحذوف ألف المصدر أم الألف المبدلة من عین الفعل؟؛ فذهب جمهور نحاة البصرة إلى أنَّ المحذوف هو ألف المصدر، وهی الألف الثانیة؛ لأنّها زائدةٌ، فهی أَوْلَى بالحذف، وعلیه فوزن (إقامة) عندهم (إفَعْلَة)، وذهب الأخفش وجمهور نحاة الکوفة إلى أن المحذوف الألف المبدلة من عین الفعل، وهی الألف الأُولَى، وعلیه فوزن (إقامة) عندهم (إفالة).([4])
وقد اختار ابن الشجری رأی الکوفیین فی هذا الصدد؛ فقال: « عوّضوا تاءً العین المحذوفة، من مصدر أفعلت المعتلّ العین، نحو: أقمت وأجبت وأعنت وأغثت، لمّا حذفوا العین من أفعلت، وهى واو: أَقْوَمْت وأَجْوَبْت وأَعْوَنْت وأَغْوَثْت، حذفوها من مصدره، وکان أصله: إِفْعَال، إِقْوَام، وإِجْوَاب، وإِعْوَان، وإِغْوَاث، فألقوا حرکة الواو على الساکن قبلها ثم قلبوها ألفًا، لتحرّکها فی الأصل، وانفتح ما قبلها الآن، فالتقى فی التقدیر ألفان، فحذفوا الأُولى، فصار المصدر إلى إقام وإجاب وإعان وإغاث، فعوّضوا من المحذوف تاء التأنیث، فقالوا: إقامة وإجابة وإعانة وإغاثة»([5]).
2- (لا جرم) بین الفعلیة والاسمیة
اختلف النحاة فی تفسیرهم لقول العرب: (لا جرم)؛ فذهب سیبویه وأصحابه إلى أن (لا) نافیة و(جرم) فعل ماض([6])، وذهب الفراء إلى أن (لا) نافیة، و(جرم) اسم (لا)، وهی بمعنى: لا بد، ولا محالة([7]). وقال الکسائی: معناها لا ضدَّ ولا مَنْعَ، فتکونُ اسْمَ (لَا) وهی مبنیةٌ على الْفتح([8])؛ قال المرادی فی صدد حدیثه عن مواضع فتح همزة (إن): « المشهور بعد لا جرم فتح (أن) کقوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمْ النّارَ}[النحل:62]، ومذهب سیبویه أن (لا) نافیة، وهی رَدٌّ لما قبلها، مما یدل علیه سیاق الکلام، و(جرم) فعل ماض بمعنى: حق، وأن مع صلتها فی موضع رفع بالفاعلیة. وقال بعضهم([9]): جرم بمعنى کسب، وفاعلها ضمیر مستتر، وأن مع صلتها فی موضع نصب بالمفعولیة. والتقدیر: کسب لهم کفرهم أن لهم النار. قال الشاعر:
نَصَبْنَا رَأْسَهُ فِی جِذْعِ نَخْلٍ بِمَا جَرَمَتْ یَدَاهُ وَمَا اعْتَدَیْنَا([10])
أی: بما کسبت. وقال الکوفیون: (لا) نافیة، و(جرم) اسم (لا)، وهی بمعنى: لا بد، ولا محالة، وأن على تقدیر (مِن)، أی: لا جرم من أن لهم النار. فـ(جرم) عند الکوفیین اسم»([11]).
وقد تطرق ابن الشجری إلى هذه المسألة فی صدد حدیثه عن "لا" التبرئة، فقال مجیزًا رأی الفراء: «واختلف فی قوله جلّ وعز: {لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النّارَ}[النحل:62] فقال الفراء: معناه لا بدّ ولا محالة أنّ لهم النار، وقال الزجّاج: إن "لا" ردٌّ، أی: لا، لیس الأمر کما وصفوا، جرم أن لهم النار، أی وجب، حکى ذلک عن قطرب. وقال غیرهما: إنّ (لا) زائدة، وجرم فعل ماض معناه: ثبت وحقّ، والفرّاء لا یرى زیادة "لا" فی أول الکلام، فـ(جرم) على قوله اسم منصوب بـ(لا)، على التّبرئة...، وأقول: إن قوله: لا جرم إذا کان بمعنى لا بدّ ولا محالة، فإنّ حرف الجرّ مقدّر فی الخبر، فالتقدیر: لا بدّ من أنّ لهم النار، ولا محالة فی أنّ لهم النار، کما تقول: لا بدّ من هذا، ولا محالة فی هذا»([12]).
3- خروج (سوى) عن الظرفیة، ومجیئها اسمًا بمعنى (غیر)
قال أبو البرکات الأنباری: «ذهب الکوفیون إلى أن "سِوى" تکون اسمًا وتکون ظرفًا. وذهب البصریون إلى أنها لا تکون إلا ظرفًا. أما الکوفیون فاحتجوا بأن قالوا: الدلیل على أنها تکون اسمًا بمنزلة "غیر" ولا تلزم الظرفیة أنهم یدخلون علیها حرف الخفض، قال الشاعر:
وَلَا یَنْطِقُ المَکْرُوهَ مَنْ کَانَ مِنْهُمُ إِذَا جَلَسُوا مِنَّا وَلَا مِنْ سِوَائِنَا([13])
فأدخل علیها حرف الخفض... والذی یدلّ على ذلک أنه روی عن بعض العرب أنه قال: "أتانی سواؤک" فرفع؛ فدلَّ على صحة ما ذهبنا إلیه. وأما البصریون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلک لأنهم ما استعملوه فی اختیار الکلام إلا ظرفًا، نحو قولهم "مررت بالذی سواک" فوقوعها هنا یدل على ظرفیتها بخلاف "غیر"، ونحو قولهم "مررت برجل سواک" أی مررت برجل مکانک، أی: یغنی غناءک ویسدُّ مسدَّکَ، وقال لبید:
وابْذُلْ سَوَامَ المَالِ إنَّ سِوَاءَهَا دُهْمًا وجُونَا([14])
فنصب "سواءها" على الظرف، ونصب "دُهمًا" بـ(إن)، کقولک: إن عندک رجلًا...، ولو کانت مما یستعمل اسمًا لکثر ذلک فی استعمالهم، وفی عدم ذلک دلیل على أنها لا تستعمل إلا ظرفًا»([15]).
وقد ذهب ابن الشجری مذهب الکوفیین فی جواز خروج (سوى) عن الظرفیة، ودافع عن رأیهم وحُجَّتهم فیه؛ فقال: «وأمّا "سوى" فإنّ العرب استعملتها استثناء، وهى فی ذلک منصوبة على الظرف؛ بدلالة أنّ النصب یظهر فیها إذا مدّت، فإذا قلت: أتانى القوم سواک، فکأنک قلت: أتانى القوم مکانک، وکذلک: قد أخذتُ سواک رجلًا، أی مکانک، واستدل الأخفش على أنها ظرف بوصلهم الاسم الناقص بها، فی نحو: أتانى الذى سواک، والکوفیون یرون استعمالها بمعنى (غیر)، وأقول: إدخال الجارّ علیها فی قول الأعشى:
وَما قَصَدَت مِن أَهلِها لِسِوائِکا([16])
یخرجها من الظرفیّة، وإنما استجازت العرب ذلک فیها تشبیها لها بـ(غیر) من حیث استعملوها استثناء، وعلى تشبیهها بغیر قال أبو الطیب:
أَرضٌ لَها شَرَفٌ سِواها مِثْلُها لَو کانَ مِثلُکَ فی سِواها یُوجَدُ([17])
رفع "سوى" الأُولى بالابتداء، وخفض الثانیة بـ(فی)، فأخرجهما من الظرفیّة، فمن خطّأه فقد خطّأ الأعشى فی قوله: "لسوائکا"، ومن خطّأ الأعشى فی لغته التى جبل علیها، وشعره یستشهد به فی کتاب الله تعالى، فقد شهد على نفسه بأنه مدخول العقل، ضارب فی غمرة الجهل»([18]).
4- تقدیر العائد المحذوف من جملة الصفة
اختلف النحویون فی تقدیر المحذوف فی نحو قوله تعالى: {وَاتَّقُوا یَوْمًا لَا تَجْزِی نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَیْئًا}[البقرة:48]، هل حذف الجار والمجرور معًا، أم حذف الجار وحده، فانتصب الضمیر واتصل بالفعل ثم حذف منصوبًا؛ فقال البصریون: التقدیر (واتقوا یومًا لا تجزى فِیهِ نفس عن نفس شیئًا) حذف الجار والمجرور(فیه) کما قال:
وَیَوْمٍ شَهِدْنَاهُ سُلَیْمًا وعًامِرًا قَلِیلًا سِوَى الطَّعْنِ النِّهَالِ نَوَافِلُه([19])
أی شهدنا فیه. وقال الکسائی: هذا خطأ لا یجوز (فیه)، والتقدیر (واتقوا یومًا لا تجزیه نفس)، ثم حذف الضمیر المنصوب، وإنما یجوز حذف الهاء لأن الظروف عنده لا یجوز حذفها، قال: لا یجوز: "هذا رجل قصدت"، ولا: "رأیت رجلًا أرغب"، وأنت ترید قصدت إلیه وأرغب فیه. قال: ولو جاز ذلک لجاز (الذی تکلمت زید) بمعنى تکلمت فیه. وقال الفراء: یجوز حذف (الهاء) و (فیه)، وحکى جواز الوجهین عن سیبویه والأخفش والزجاج([20]).
قال ابن الشجری مرجحًا رأی الکسائی وجاعلًا إیاه الأقیس عنده: «وقد حذفوا العائد المجرور مع الجارّ...، ومثله فی التنزیل: {وَاتَّقُوا یَوْمًا لا تَجْزِی نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَیْئًا}[البقرة:48] التقدیر: لا تجزى فیه، کما قال: {وَاتَّقُوا یَوْمًا تُرْجَعُونَ فِیهِ إِلَى اللهِ}[البقرة:281]، وکذلک تقدّر فی الجمل المعطوفة على الأُولى، لأن حکمهنّ حکمها، فالتقدیر ولا تقبل منها شفاعة فیه، ولا یؤخذ منها عدل فیه، ولا هم ینصرون فیه. واختلف النحویون فی هذا الحرف، فقال الکسائى: لا یجوز أن یکون المحذوف إلا الهاء، أراد أن الجارّ حذف أولَّا، ثم حذف العائد ثانیًا. وقال نحویّ آخر: لا یجوز أن یکون المحذوف إلا (فیه). وقال أکثر أهل العربیة، منهم سیبویه والأخفش: یجوز الأمران. والأقیس عندى أن یکون حرف الظرف حذف أولًا، فجعل الظرف مفعولًا به على السعة»([21]).
5- جعل المثنى على لفظ الجمع، وبیان علة ذلک
اتفق جمهور النحاة من البصریین والکوفیین على أن کلَّ ما فی الجَسد منه شیءٌ واحدٌ لا ینفصل کالرأس، والأنف، واللسان، والظهر، والبطن، والقلب، فإنّک إذا ضممتَ إلیه مثلَه فَلفظ الْإِفْرَاد فِی الْمُضَاف أَوْلَى من لفظ التَّثْنِیَة، نحو قولک: "أعجبنی وَجْهُکُمَا"، و:"ضربتُ ظَهْرَ الزیدَیْن"، وَلفظ الجمع أَوْلَى من الْإِفْرَاد، وهو الأکثر، نحو قولک: "أعجبنی وجُوهُکُمَا"، ومنه قول الله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُکُمَا}[التحریم:4]، ولکنهم اختلفوا فی عِلة جعل الجمع أَوْلَى من الإفراد والتثنیة؛ فالبصریون([22]) جعلوا علة ذلک هو کون التَّثْنِیَة جمعًا، وجعلوا هَذَا بِمَنْزِلَة قَول الِاثْنَیْنِ: "نَحن فعلنَا ذَاک"، وَ(نحن) إِنَّمَا هُوَ ضمیرٌ موضوعٌ للْجَمَاعَة، وإنما اختاروا الجمع فی هذا فرقًا بین ما کان فی البدن منه واحد إذا ضُمَّ إلى مثله من بدن آخر، وبین ما کان فی البدن منه اثنان إذا ضُمَّ أحدهما إلى مثله من بدن آخر، یقول القائل: "قَطَعْتُ أَنْفَ الزَّیْدَینِ" وهو أنفٌ مِن هذا وأنفٌ من هذا، ویقول: "قَطَعْتُ أُذُنَی الزَّیْدَینِ" وهو إحدى الأذنین من هذا وإحدى الأذنین من هذا. وقال الفراء([23]): وإنَّما اختیر الجَمع عَلَى التثنیة لأن أکثر ما تکون عَلَیْهِ الجوارح اثنین فِی الإنسان، کالیدین والرجلین والعینین، فلمّا جرى أکثرُه عَلَى هَذَا ذهب بالواحد منه إِذَا أضیفَ إلى اثنین مذهب التثنیة؛ حَمْلًا على الْأَکْثَر، فَإِذا ضُمَّ إِلَى ذَلِک شیءٌ مثلُه کَانَ کَأَنَّهُ أَرْبَعَة، فَأتى بِلَفْظ الْجمع.([24])
قال ابن الشجری موافقًا رأی البصریین والکوفیین: « قال سیبویه: ((وسألته، یعنى الخلیل، عن قولهم: ما أحسنَ وجوههما، [فجمعوا وهم یریدون اثنین]([25]) فقال: لأن الاثنین جمیع، وهذا بمنزلة قول الاثنین: نحن فعلنا ذاک، ولکنهم أرادوا أن یفرّقوا بین ما یکون مفردًا، وبین ما یکون شیئًا من شیء))([26]). والقول فی تفسیر هذه الحکایة: أنهم قالوا: ما أحسنَ وجوه الرجلین، فاستعملوا الجمع موضع الاثنین، کما قال الاثنان: نحن فعلنا، ونحن إنما هو ضمیر موضوع للجماعة، وإنما استحسنوا ذلک لما بین التثنیة والجمع من التقارب، من حیث کانت التثنیة عددًا تَرَکّب من ضمّ واحد إلى واحد، وأول الجمع، وهو الثلاثة، ترکّب من ضمّ واحد إلى اثنین، فلذلک قال: "لأن الاثنین جمیع"، وقوله: "ولکنهم أرادوا أن یفرّقوا بین ما یکون مفردًا وبین ما یکون شیئًا من شیء" معناه أنهم أعطوا المفرد حقّه من لفظ التثنیة، فقالوا فی رجل: رجلان، وفی وجه: وجهان، ولم یفعل ذلک أهل اللغة العلیا فی قولهم: ما أحسن وجوه الرجلین، وذلک أن الوجه المضاف إلى صاحبه إنما هو شیء من شیء، فإذا ثنّیت الثانى منهما علم السامع ضرورة أن الأول لا بدّ من أن یکون وفقه فی العدّة، فجمعوا الأول کراهة أن یأتوا بتثنیتین متلاصقتین فی مضاف ومضاف إلیه، والمتضایفان یجریان مجرى الاسم الواحد، فلمّا کرهوا أن یقولوا: ما أحسنَ وجهَى الرجلین، فیکونوا کأنهم قد جمعوا فی اسم واحد بین تثنیتین، غیّروا لفظ التثنیة الأُولى بلفظ الجمع؛ إذ العلم محیط بأنه لا یکون للاثنین أکثر من وجهین، فلمّا أمنوا اللبس فی وضع الوجوه موضع الوجهین استعملوا أسهل اللفظین. فأمّا ما فی الجسد منه اثنان، فتثنیته إذا ثنّیت المضاف إلیه واجبة، تقول: فقأت عینیهما، وقطعت أذنیهما، لأنک لو قلت: أعینهما وآذانهما، لالتبس بأنک أوقعت الفعل بالأربع»([27]).
6- الفعل (أَحَبَّ) بین التضمین وعدمه
اختلف مفسرو القرآن ومعربوه فی توجیههم النصب لــ(حُبّ الخیر) فی قول الله تعالى: { فَقَالَ إِنِّی أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ عَنْ ذِکْرِ رَبِّی}[ص:32]؛ قال أبو حیان: وَانْتَصَبَ حُبَّ الْخَیْر، قِیلَ: عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ لِتَضَمُّنِ (أَحْبَبْتُ) مَعْنَى (آثَرْتُ) قَالَهُ الْفَرَّاءُ([28]). وَقِیلَ: مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ التَّشْبِیهِیِّ، أَیْ أَحْبَبْتُ الْخَیْلَ کَحُبِّ الْخَیْرِ، أَیْ حُبًّا مِثْلَ حُبِّ الْخَیْرِ. وَقِیلَ: عُدِّیَ بِـ(عَنْ) فَضمنَ مَعْنَى فِعْلٍ یَتَعَدَّى بِهَا، أَیْ أَنَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ عَنْ ذِکْرِ رَبِّی، أَوْ جَعَلْتُ حُبَّ الْخَیْرِ مُغْنِیًا عَنْ ذِکْرِ رَبِّی»([29]).
وقال ابن الشجری رافضًا أحد الآراء ومجیزًا لرأیینِ آخرینِ أحدهما رأی الفراء فی صدد تناوله لهذه الآیة الکریمة:« وظاهر لفظ قوله تعالى: {أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ}[ص:32] أن انتصاب {حُبَّ الْخَیْرِ} على المصدر، ولیس کذلک؛ لأنه لم یخبر أنه أحبّ حبًّا مثل حبِّ الخیر، کما قال تعالى: {فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِیمِ}[الواقعة:55]، أی شربًا مثل شرب الهیم، وکقولک: ضربته ضرب الأمیر اللّصَّ، أی ضربًا مثل ضرب الأمیر اللصّ، لأنه لو أراد هذا لأخرج الخیل عن أن تکون من الخیر؛ إذ التقدیر: أحببت الخیل حبًّا مثل حبِّ الخیر، وإذا کان هذا القیاس ظاهر الفساد کما ترى، کان انتصاب {حُبَّ الْخَیْرِ} على وجهین: أحدهما: أن یکون مفعولًا به، والمعنى آثرت حبَّ الخیر، لأنک إذا أحببت الشىء فأنت مؤثر له، وهذا قول الفراء والزجّاج،... وقوله: {عَنْ ذِکْرِ رَبِّی} إن شئت علّقته بالمعنى الذى حملت {أَحْبَبْتُ} علیه وجعلت «عن» نائبة مناب «على»، کما قال تعالى: {وَمَنْ یَبْخَلْ فَإِنَّما یَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}[محمد:38]، أی على نفسه، فکأنه قیل: آثرت حبّ الخیر على ذکر ربّى، وإن شئت علّقت «عن» بحال محذوفة تقدیرها: آثرت حبَّ الخیر غافلًا عن ذکر ربى، أو منصرفًا عن ذکر ربّى، والوجه الآخر: أن یکون {أَحْبَبْتُ} من قولهم: أحبّ البعیر: إذا وقف فلم ینبعث، والإحباب فی الإبل کالحران فی ذوات الحافر،...فیکون انتصاب {حُبَّ الْخَیْرِ} على أنه مفعول له، و"عن" متعلّقة بمعنى أحببت؛ لأنه بمعنى تثبّطت، وهذا القول عن أبى عبیدة، حکاه عنه علىّ بن عیسى الرّمانى»([30]).
7- مجیء الکلام مقلوبًا
لقد ورد عن العرب تراکیب واستعمالات قُلِبَ الکلامُ فیها عن الحد الذی ینبغی أن یکون علیه، وهو من فنون کلامهم، وقد کثر هذا فی الشعر، وقَلَّ فی النثر مقارنة بالشعر؛ قال ابن عصفور: « القلب مقیس فی الشعر بلا خلاف لکثرة مجیئه فیه، وقد جاء أیضًا فی الکلام، حکى أبو زید([31]): إذا طلعت الجوزاءُ انتصب العودُ فی الحرباء. یرید: انتصب الحرباءُ فی العود. وحکى أبو الحسن الأخفش: عرضت الناقةَ على الحوض، وعرضتها على الماء، یراد بذلک: عرضت الماءَ والحوضَ علیها. وحکى أیضًا من کلامهم: أدخلت القلنسوة فی رأسی، یریدون: أدخلت رأسی فی القلنسوة. إلا أن ذلک لم یکثر فی الکلام کثرته فی الشعر، فلم یجز لذلک القیاس علیه»([32]). وقد ذهب أبو العباس ثعلب من الکوفیین هذا المذهب فخرَّج علیه قول الله تعالى: {ثُمَّ فِی سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُکُوهُ}[الحاقة:32]، فقال: هذا من المقلوب، وتقدیره: اسلکوا فیه سلسلةً([33]). وقد سبقه الفراء إلى هذا القول([34]).
وقد سلک ابن الشجری مسلک الفراء وثعلب فی وجود ظاهرة القلب فی کلام العرب؛ فقال: «ومن المقلوب قول کعب بن زهیر:
کَأَنَّ أَوْبَ ذِرَاعَیْهَا إِذَا عَرِقَتْ وَقَدْ تَلَفَّعَ بِالْقُورِ الْعَسَاقِیلُ([35])
القور: جمع قارة، وهى الجبیل الصغیر. والعساقیل: اسم لأوائل السّراب، جاء بلفظ الجمع، ولا واحد له من لفظه. والتّلفّع: الاشتمال والتّجلّل، وقال: (تلفّع بالقور العساقیل) وإنما المعنى: تلفّع القورُ بالعساقیل. وقال أبو العباس ثعلب، فی قوله تعالى: {ثُمَّ فِی سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُکُوهُ}[الحاقة:32]: هذا من المقلوب، وتقدیره: اسلکوا فیه سلسلة»([36]).
8- (إمّا) بین إفادة التخییر والشرطیة
اختلف النحاة فی الإفادة الموجودة فی (إمّا) فی نحو قوله تعالى: {إِنّا هَدَیْناهُ السَّبِیلَ إِمّا شاکِرًا وَإِمّا کَفُورًا}[الإنسان:3]؛ فذهب البصریون ومن تبعهم إلى القول بأنها تفید التخییر، فالمعنى: إنا هدیناه السبیل وخیرناه([37])، وقیل: إنها تفید التفصیل أو التفریق([38])، وذهب الفراء إلى أن (إمّا) هاهنا هى الشرطیة، فقال: "یَقُولُ: هدیناه: عرّفناه السبیل، شکر أو کفر، و(إما) هاهنا تکون جزاء، أی: إن شکر وإن کفر([39])".
وقد أجاز ابن الشجری رأی الکوفیین وصدَّ عنه اعتراضات مکی بن أبی طالب، بالإضافة إلى اعتماده رأی البصریین؛ فقال: « واختلفوا فی قوله تعالى: {إِنّا هَدَیْناهُ السَّبِیلَ إِمّا شاکِرًا وَإِمّا کَفُورًا}[الإنسان:3]، فذهب البصریّون إلى أنها للتخییر، فانتصاب (شاکرًا وکفورًا) على الحال،... وأجاز الکوفیّون أن تکون (إمّا) هاهنا هى الشرطیة، والفرّاء قطع بأنها هى، فقال: معناه: إنّا هدیناه السّبیل، إن شکر وإن کفر. وقال مکیّ بن أبى طالب المغربىّ فی مشکل إعراب القرآن([40]): أجاز الکوفیّون فی قوله تعالى: {إِنّا هَدَیْناهُ السَّبِیلَ إِمّا شاکِرًا وَإِمّا کَفُورًا} أن تکون (إمّا) إن الشرطیّة، زیدت علیها (ما) قال: ولا یجوز هذا عند البصریّین؛ لأن (إن) الشرطیّة لا تدخل على الأسماء إلا أن تضمر بعد (إن) فعلًا، وذلک فی نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِکِینَ اِسْتَجارَکَ}[التوبة:6]، أضمر "استجارک" بعد (إن) ودلّ علیه الثانى، فحسن لذلک حذفه، ولا یحسن إضمار فعل بعد (إن) هاهنا؛ لأنه یلزم رفع "شاکر" بذلک الفعل، وأیضًا فإنه لا دلیل على ذلک الفعل المضمر فی الکلام. انتهى کلامه. وهذا القول منه لیس بصحیح؛ لأن النحویّین یضمرون بعد (إن) الشرطیّة فعلًا یفسّره ما بعده؛ لأنه من لفظه، فیرتفع الاسم بعد (إن) بکونه فاعلًا لذلک المضمر، کقولک: إن زید زارنى أکرمته، ترید: إن زارنى زید، وکذلک: إن زید حضر حادثته، ترید: إن حضر زید، وکقوله تعالى: {إِنِ اِمْرُؤٌ هَلَکَ}[النساء:176]، {وَإِنِ اِمْرَأَةٌ خافَتْ}[النساء:128]، {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِکِینَ اِسْتَجارَکَ}[التوبة:6]، هذه الأسماء ترتفع بأفعال مقدّرة، وهذه الظاهرة مفسّرة لها، وکما یضمرون بعد حرف الشرط أفعالًا ترفع الاسم بأنه فاعل کذلک یضمرون بعده أفعالًا تنصب الاسم بأنه مفعول، کقولک: إن زیدًا أکرمته نفعک، ترید: إن أکرمت زیدًا، ... وإذا عرفت هذا فلیس یلزم {شاکِرًا} أن یرتفع فی قول من قال إنّ (إمّا) شرطیّة. وقوله: لا دلیل على الفعل المضمر فی الکلام، یعنى فی قوله: {إِمّا شاکِرًا وَإِمّا کَفُورًا} قول بعید من معرفة الإضمار فی مثل هذا الکلام؛ لأنّ المضمر هاهنا فعل تشهد بإضماره القلوب، وهو (کان) وذلک أنّ سیبویه لا یرى إضمار (کان) إلاّ فی مثل هذا المکان، کقولک: أنا أزورک إن قریبًا وإن بعیدًا، ترید: إن کنت قریبًا وإن کنت بعیدًا،... وکذلک التقدیر: هدیناه السّبیلَ إن کان شاکرًا، وإن کان کفورًا، وإضمار الفعل بعد حرف الشرط مخصوص به (إن)»([41]).
9- مجیء (إمّا) غیر مکررة بمعنى (أو)
ذهب جمهور نحاة البصرة([42]) إلى أن (إمّا) لا تأتی إلا مکررة، وأجاز الفراء([43]) من الکوفیین أن تأتی مفردة غیر مکررة، وأن تجری مجرى (أو)؛ قال المرادی فی صدد الحدیث عن (إمّا) وذِکْرِ الفروق بینها وبین (أو): «(إما) لا بد من تکرارها، فی الغالب، بخلاف (أو) فإنها لا تکرر،... وقد یستغنى عن [إمّا] الثانیة بـ(أو)، کقراءة من قرأ: {وَإِنَّا أَوْ إِیّاکُم لَإِمّا عَلَى هُدى أَوْ فِی ضَلَالٍ مُبِین}([44]). وهو فی الشعر کثیر، کقول الشاعر:
وَقَدْ شَفَّنِی أَن لا یَزَالَ یَرُوعُنِی خَیَالُک إِمّا طَارِقًا أَوْ مُغَادِیَا([45])
وقد یستغنى عنها أیضًا بـ(إن) الشرطیة مع (لا) النافیة،... ونص النحاس على أن البصریین لا یجیزون فیها إلا التکرار. وأجاز الفراء ألا تکرر، وأن تجرى مجرى (أو)، وقال الفراء: یقولون: عبد الله یقوم وإما یقعد»([46]).
وقد أجاز ابن الشجری رأی الفراء ولم یعارضه؛ فقال فی صدد حدیثه عن (إمّا): « وقد أجازوا أن تأتى بها غیر مکرّرة، وذلک إذا کان فی الکلام عوض من تکریرها، کقولک: إمّا أن تکلّمنى کلامًا جمیلًا وإلاّ فاسکت، المعنى: وإمّا أن تسکت، واستشهدوا بقول المثقّب العبدىّ:
فَإِمّا أَنْ تَکُونَ أَخِى بِصِدْقٍ فَأَعْرِفَ مِنْکَ غَثِّی مِنْ سَمِینِی
وَإِلاّ فَـاطَّرِحْـــــنِی وَاتَّخِذْنِـــــی عَدُوًّا أَتَّقِیــــــــــــــکَ وَتَتَّقِیـــــــنِى([47])
وقال الفرّاء: قد أفردت العرب (إمّا) من غیر أن تذکر (إمّا) سابقة، وهى تعنى بها (أو) وأنشد:
تُلِمُّ بِدَارٍ قَدْ تَقَادَم عَهْدُها وَإِمّا بِأَمْواتٍ أَلَمَّ خَیَالُها([48])
أراد: أو بأموات»([49]).
10- مجیء (ثُمَّ) زائدة
قال ابن هشام: «ثمَّ- وَیُقَال فِیهَا فَم کَقَوْلِهِم فِی جدث جدف- حرف عطف یَقْتَضِی ثَلَاثَة أُمُور: التَّشْرِیک فِی الحکم وَالتَّرْتِیب والمهلة، وَفِی کل مِنْهَا خلاف، فَأَما التَّشْرِیک فَزعم الْأَخْفَش والکوفیون أَنه قد یتَخَلَّف؛ وَذَلِکَ بِأَن تقع زَائِدَة فَلَا تکون عاطفة الْبَتَّةَ، وحملوا على ذَلِک قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَیْهِم الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَیْهِم أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَیْهِ ثمَّ تَابَ عَلَیْهِم}[التوبة:118]، وَقَول زُهَیْر:
أَرَانِى إِذَا مَا بِتُّ بِتُّ عَلَى هَوًى فَثُمَّ إِذَا أَصْبَحْتُ أَصْبَحْتُ غَادِیَا([50])
وَخرجت الْآیَة على تَقْدِیر الْجَواب وَالْبَیْت على زِیَادَة الْفَاء»([51]).
وقد ذهب ابن الشجری مذهب الکوفیین فی صدد الحدیث عن الفاء؛ فقال: « وأقول: إنها زائدة لا محالة فی قوله تعالى: {وَثِیابَکَ فَطَهِّرْ*وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر:4،5]؛ لأنک إن لم تحکم بزیادتها أدّى ذلک إلى دخول الواو العاطفة علیها وهى عاطفة، وکذلک (ثمّ) زائدة فی قول زهیر:
أَرَانِى إِذَا مَا بِتُّ بِتُّ عَلَى هَوًى فَثُمَّ إِذَا أَصْبَحْتُ أَصْبَحْتُ غَادِیَا»([52]).
11- دخول (رُبّ) على الضمیر، وأحکام هذا الضمیر
قال خالد الأزهری: «وقد تدخل (رُبّ) فی الکلام"النثر"على ضمیر غیبة ملازم للإفراد والتذکیر، والتفسیر بتمییز بعده مطابق للمعنى، من إفراد وتذکیر وفروعهما، کقولک: "رُبَّه رَجُلًا"، و"رُبَّه رَجُلَینِ"، و"رُبَّه رِجَالًا"، و"رُبَّه امرأةً"، و"رُبَّه امرأتینِ"، و"رُبَّه نساءً"، کل ذلک بإفراد الضمیر استغناء بمطابقة التمییز للمعنى المراد، قال الشاعر:
رُبَّهُ فِتْیَةً دَعَوْتُ إِلَى مَا یُورِثُ الْحَمْدَ دَائِبًا فَأَجَابُوا([53])
فأتى بالضمیر مفردًا، مفسرًا بتمییز مجموع مطابق للمعنى، وهو فتیة، هذا مذهب البصریین([54])، وحکى الکوفیون([55]) جواز مطابقته لفظًا نحو: "رُبَّها امرأةً"، و"رُبَّهما رَجُلَینِ"، و"رُبَّهم رِجالًا"، و"رُبَّهن نساءً"»([56]).
وقد نقل ابن الشجری رأی الکوفیین دون اعتراض منه،- وعَدَّ الباحثُ مثلَ هذه الآراء المسکوت عن التعقیب فیها قناعة منه باحتمال جوازها-؛ فقال فی صدد حدیثه عن (رُبّ) وأحکامها: « ومن أحکامها: أنها تدخل على الضمیر قبل الذِّکر، على شریطة التفسیر بنکرة منصوبة، کقولهم: ربّه رجلًا جاءنى، ومعنى ربّه رجلًا: ربّ رجل، ولیست الهاء بضمیر شیء جرى ذکره، ولو کانت ضمیر شیء جرى ذکره لکانت معرفة، ولم یجز أن تلی ربّ، ولکنها ضمیر مبهم، فأشبه بإبهامه النّکرات؛ لأنّک إذا قلت: ربّه، احتاج إلى أن تفسّره، فضارع النّکرات؛ إذ کان لا یخصّ، کما أنّ النکرة لا تخصّ، وهذا الضمیر لا یثنَّى عند البصریّین ولا یجمع ولا یؤنّث؛ لأنه ضمیر مجهول، یعتمد فیه على التفسیر، فیغنى تفسیره عن تثنیته وجمعه، وأجاز فیه الکوفیّون التثنیة والجمع والتأنیث»([57]).
12- مجیء (لا) اسمًا بمعنى (غیر)
تأتی "لا" معترضة بین الجار والمجرور، نحو: "جئت بلا زاد"، و: "غضبت مِن لا شیء". وقد اختلف النحاة فی نوع "لا" هذه؛ فقال الکوفیون فی نحو: "جئت بلا زاد" هی اسم بمعنى (غیر) دخل علیه حرف الجر، وما بعدها مخفوض بالإضافة، وقال البصریون([58]): هی حرف زائد، والعامل فی المجرور الذی بعدها هو حرف الجرّ، تخطّى "لا" إلى العمل فیما بعدها، والمراد بالزیادة وقوعها بین شیئین متطالبین؛ فلا یصح إسقاطها من حیث المعنى([59]).
وقد أجاز ابن الشجری رأی الکوفیین؛ فقال فی صدد الحدیث عن استعمالات (لا):«وقد استعملت العرب بعض الحروف أسماء، وذلک على ضروب، فمنها ما حکته فأقرّته على لفظه، ومنها ما حکته وغیّرت معناه...، واستعمال الحرف اسما بلفظه أقیس؛ لأنک تنزّله منزلة الاسم المبنی،... وذهب بعض الکوفیّین فی قولهم: "غضبت من لا شیء"، وخرجت بلا زاد، یریدون: من غیر شیء، وبغیر زاد، إلى أن "لا" فی هذا النحو اسم؛ لدخول الخافض علیها، وقیامها مقام "غیر"...، ومذهب البصریّین أنّ العامل فی المجرور من قولهم: "غضبت من لا شیء" ونحوه هو الجارّ، تخطّى "لا" إلى العمل فیما بعدها، وأنّ "لا" حرف وإن أدّت معنى "غیر"»([60]).
13- حذف (لا) فی غیر القسم
اتفق جمهور النحاة على جواز حذف (لا) فی أسلوب القسم، قال سیبویه فی باب الأفعال، فی القسم: «وقد یجوز لک- وهو من کلام العرب- أن تحذف (لا) وأنت ترید معناها، وذلک قولک: والَّله أفعل ذلک أبدًا، ترید: والَّله لا أفعل ذلک أبدًا»([61]).
ومنه قول لقیط بن زُرارة:
فَحَالِف فَلَا وَاللهِ تَهْبِط تَلْعَةً مِن الأرضِ إِلّا أَنْتَ للذُّلِّ عَارفُ([62])
الشاهد فیه أنه حذف (لا) من جواب الیمینْ وهو یریدها؛ لأن حکمها باقٍ فی الکلام، یرید: فلا والله لا تهبطُ تَلعة.
ولکنهم اختلفوا فی جواز حذف (لا) فی غیر القسم، وعلیه فقد اختلفوا فی توجیه عدة مواضع من کتاب الله تعالى، منها قوله تعالى: {یُبَیِّنُ اللهُ لَکُمْ أَنْ تَضِلُّوا}[النساء:176] ومنها: {یُبَیِّنُ لَکُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِیرٍ}[المائدة:19]، ومنها: {أَلَسْتُ بِرَبِّکُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا یَوْمَ الْقِیامَةِ إِنّا کُنّا عَنْ هذا غافِلِینَ}[الأعراف:172]، وغیرها کثیر على هذا النحو، وأضافوا إلى ذلک قول عمرو بن کلثوم:
نَزَلْتُم مَنْزِلَ الأَضْیافِ مِنّا فَعَجّلْنَا القِرَى أَنْ تَشْتِمُونَا([63])
فمذهب البصریین أن ذلک على حذف مضاف، أی: کراهة أن تضلوا، أو: مخافة أن تضلوا، فلا یجیزون إضمار (لا). ومذهب الکوفیین أنه على حذف (لا)، أی: ألا تضلوا، أو: لئلا تضلوا)»([64]).
وقد نقل ابن الشجری جمیع الوجوه المحتملة فی هذا الصدد ومنها قول الکوفیین؛ فقال: «اختلف النحویّون فی مواضع من کتاب الله، منها قوله: {یُبَیِّنُ اللهُ لَکُمْ أَنْ تَضِلُّوا}[النساء:176]...، فقال الکسائىّ والفرّاء: یبیّن الله لکم لئلاّ تضلّوا، وقال أبو العباس المبرّد: بل المعنى: کراهة أن تضلّوا، وکذلک قوله: {یُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِیّاکُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّکُمْ}[الممتحنة:1]، قال الکوفیان- یعنی الکسائی والفراء-: معناه لئلاّ تؤمنوا بالله،...، وقال علىّ بن عیسى الرّمّانىّ: إن التقدیرین فی قوله تعالى: {یُبَیِّنُ اللهُ لَکُمْ أَنْ تَضِلُّوا} واقعان موقعهما؛ لأنّ البیان لا یکون طریقًا إلى الضّلال، فمن حذف "لا" فحذفها للدّلالة علیها، کما حذفت للدّلالة علیها من جواب القسم، فی نحو: والله أقوم، أی لا أقوم»([65]).
14- (ما) بین المصدریة والاستفهام
لا خلاف بین جمهور النحاة فی جواز مجیء (ما) مصدریة أو استفهامیة، ولکن هناک مواضع تنوعت فیها آراء النحاة فی تفسیرهم لـ(ما) وکذلک مفسرو القرآن ومعربوه؛ فمنهم من وجهها على الاستفهام، ومنهم من وجهها على المصدریة. ومن ذلک قَوْلُهُ تَعَالَى: { قالَ یا لَیْتَ قَوْمِی یَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِی رَبِّی}[یس:26، 27]: ففِی "مَا" ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا: مَصْدَرِیَّةٌ؛ أَیْ بِغُفْرَانِهِ. وَالثَّانِی: بِمَعْنَى الَّذِی؛ أَیْ بِالذَّنْبِ الَّذِی غَفَرَهُ. وَالثَّالِثُ: اسْتِفْهَامٌ عَلَى التَّعْظِیمِ([66]).
وقد رجح ابن الشجری رأی الکسائی فی توجیه (ما) فی قوله تعالى: {قالَ یا لَیْتَ قَوْمِی یَعْلَمُونَ* بِما غَفَرَ لِی رَبِّی}[یس:26، 27]؛ فقال: قال الکسائىّ: معناه بمغفرة ربِّى، وذهب أهل التفسیر إلى أن المعنى: بأیّ شیء غفر لى ربِّى؟ جعلوا "ما" استفهامًا([67])، واحتجّ الکسائىّ بأنها لو کانت استفهامًا لحذفت ألفها لاتّصالها بحرف الخفض»([68]).
وهذه المسألة لیست من مسائل الخلاف بین الکوفیین والبصریین، ولکنها مما وافق فیه ابنُ الشجریِّ رأیَ الکسائیِّ الکوفی فی توجیه الآیة القرآنیة على کون (ما) مصدریة ولیست استفهامیة.
15- نوع (ما) الداخلة على (رُبّ)
تدخل (ما) على بعض الحروف فتکفها عن عملها، ومن هذه الحروف "رُبّ"، فإذا کُفّت وقع بعدها الفعل والمعرفة، وقد اختلف النحویون فی نوع (ما) الداخلة على (رُبّ) فی نحو قوله تعالى: { رُبَما یَوَدُّ الَّذِینَ کَفَرُوا لَوْ کانُوا مُسْلِمِینَ }[الحجر:2]؛ فقال الکوفیّون: "ما" هنا اسم بمعنى شیء، وقال البصریّون: "ما" کافّة([69]).
قال ابن الشجری ذاکرًا کل الآراء المحتملة فی هذا الصدد، وفیها رأی الکوفیین: «واعلم أن وقوع "ما" بعد "ربّ" على ثلاثة أوجه، أحدها: أن تکون کافّة، زیدت لیصلح وقوع الفعل والمعرفة بعدها، والثانى: أنها تکون بعد "ربّ" بمعنى شیء، وقد قدّمت الاستشهاد على ذلک، بقوله:
رُبَّما تَکْرَهُ النُّفُوسُ مِنَ الأَمْــ ـــرِ لهُ فَرْجَةٌ کحَلِّ العِقال([70])
أراد: رُبَّ شیء تکرهه النفوس. والثالث: وقوعها بعدها زائدة لغوًا، فلا تمنعها من العمل، کقولک: ربّما رجلٍ عالمٍ لقیته، قال عدىّ بن الرّعلاء الغسّانىّ:
رُبَّمَا ضَرْبَةٍ بِسَیْفٍ صَقِیْلٍ دُوْنَ بُصْرَى وَطَعْنَةٍ نَجْلاَء([71])»([72]).
النتائج
1- هناک فرقٌ واضحٌ بین المذهب النحوی والنزعة المذهبیة؛ وذلک لکون المذهب هو المنهج المتبع فی دراسة المسائل وتناول الآراء، والنزعة هی الصورة الناتجة عن هذا المنهج؛ وعلیه یمکن القول بأن المذهب البغدادی هو منهج نحوی جدید قائم على الانتخاب والترجیح بین آراء نحاة البصرة والکوفة معًا، إلا أنه قد غلبت علیه نزعةُ المیل إلى آراء البصریین.
2- یُعَدُّ ابنُ الشجری واحدًا من أبرز علماء المدرسة البغدادیة فی القرن السادس الهجری؛ وذلک لاعتماده على منهج الانتخاب والاختیار بین آراء نحاة البصرة والکوفة.
3- قد غلبت على ابن الشجری النزعة البصریة؛ وذلک لکثرة ترجیحاته واختیاراته لآراء نحاة البصرة مقارنة بترجیحاته لآراء الکوفیین.
4- على الرغم من غلبة النزعة البصریة على ابن الشجری إلا أنه لم یمتنع عن الأخذ بآراء الکوفیین وترجیحها وإجازتها فی أحیان لیست بالقلیلة.
5- یغلب على منهج ابن الشجری الاعتماد على شواهد القرآن الکریم.
6- اعتمد ابن الشجری کثیرًا على إعمال القیاس وإجراء العلة.
قائمة المراجع
1- ارتشاف الضرب من لسان العرب، لأبی حیان الأندلسی، شرح وتحقیق/ رجب عثمان محمد، مراجعة/ رمضان عبدالتواب، ط/ مکتبة الخانجی- القاهرة، ط1، 1998م.
2- الأزهیة فی علم الحروف، لمحمد بن أحمد الهروی، تحقیق/ عبدالمعین الملُّوحی، ط/ مجمع اللغة العربیة- دمشق، ط3، 1993م.
3- الأصمعیات، لأبی سعید عبدالملک بن قریب الأصمعی ، تحقیق/ أحمد محمد شاکر، وعبدالسلام هارون، ط/ دار المعارف- مصر، ط7، 1993م.
4- الأصول فی النحو، لأبی بکر محمد بن السری بن سهل بن السراج، تحقیق/ عبدالحسین الفتلی، ط/ مؤسسة الرسالة- بیروت- لبنان، ط3، 1996م.
5- أمالی الشجری، لأبی السعادات علی بن حمزة المعروف بابن الشجری، تحقیق/ محمود محمد الطناحی، ط/ مکتبة الخانجی- القاهرة، ط1، 1991م.
6- الإنصاف فی مسائل الخلاف بین البصریین والکوفیین، لأبی البرکات عبدالرحمن بن محمد الأنباری، تحقیق/ محمد محیی الدین عبدالحمید، ط/ المکتبة العصریة- بیروت- لبنان، ط1، 2003م.
7- إیجاز التعریف فی علم التصریف، لأبی عبدالله محمد بن مالک، تحقیق/ محمد المهدی عبدالحی عمار سالم، ط/ عمادة البحث العلمی بالجامعة الإسلامیة- المدینة المنورة- السعودیة، ط1، 2002م.
8- البحر المحیط فی التفسیر، لأبی حیان الأندلسی، تحقیق/ صدقی محمد جمیل، ط/ دار الفکر- بیروت- لبنان، ط1، 1420ه.
9- البرهان فی علوم القرآن، لبدر الدین محمد بن عبدالله الزرکشی، تحقیق/ محمد أبو الفضل إبراهیم، ط/ دار إحیاء الکتب العربیة- عیسى البابی الحلبی وشرکاه- مصر، ط1، 1957م.
10-التبیان فی إعراب القرآن، لأبی البقاء العکبری، تحقیق/ علی محمد البجاوی، ط/ عیسى البابی الحلبی- القاهرة، ط1، 1976م.
11-التصریح بمضمون التوضیح، (شرح التصریح على التوضیح) لخالد الأزهری، ط/ دار الکتب العلمیة- بیروت- لبنان، ط1، 2000م.
12-الجامع لأحکام القرآن (تفسیر القرطبی) لمحمد بن أحمد القرطبی، تحقیق/ أحمد البردونی، و/إبراهیم أطفیش، ط/ دار الکتب المصریة- القاهرة، ط2، 1964م.
13-الجمل فی النحو، للخلیل بن أحمد، تحقیق/ فخر الدین قباوة، ط/ مؤسسة الرسالة- بیروت- لبنان، ط5، 1995م.
14-الجنى الدانی فی حروف المعانی، لحسن بن قاسم المرادی، تحقیق/ فخر الدین قباوة، ط/ دار الکتب العلمیة- بیروت- لبنان، ط1، 1992م.
15-خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، لعبدالقادر بن عمر البغدادی ، شرح وتحقیق/عبدالسلام هارون، ط/مکتبة الخانجی- القاهرة، ط4، 1997م.
16-دیوان الأعشى، شرح وتعلیق/ محمد حسین، ط/ مکتبة الآداب بالجمامیز- مصر، ط1، 1950م.
17-دیوان الفرزدق، تحقیق/ علی فاعور، ط/ دار الکتب العلمیة- بیروت- لبنان، ط1، 1987م.
18-دیوان المتنبی، ط/ دار بیروت- لبنان، ط1، 1983م.
19-دیوان المثقب العبدی، تحقیق/ حسن کامل الصیرفی، ط/ معهد المخطوطات العربیة- مصر، ط1، 1971م.
20-دیوان أمیة بن أبی الصلت، شرح وتحقیق/سیف الدین الکاتب، وأحمد عصام الکاتب، ط/ دار مکتبة الحیاة- لبنان، ط1، 1980م.
21-دیوان ذی الرمة، تحقیق/ أحمد حسن بَسَج، ط/ دار الکتب العلمیة- بیروت- لبنان، ط1، 1995م.
22-دیوان زهیر بن أبی سلمى، شرح وتحقیق/ حمدو طمّاس، ط/ دار المعرفة- بیروت- لبنان، ط2، 2005م.
23-دیوان عمرو بن کلثوم، تحقیق/ إیمیل بدیع یعقوب، ط/ دار الکتاب العربی- بیروت- لبنان، ط1، 1991م.
24-دیوان کعب بن زهیر، صنعة/ أبی سعید الحسن بن الحسین السکری، ط/ دار الکتب المصریة، ط3، 2003م.
25-دیوان لبید بن ربیعة، تحقیق/ حمدو طمّاس، ط/ دار المعرفة- بیروت- لبنان، ط1، 2004م.
26-روح المعانی فی تفسیر القرآن العظیم والسبع المثانی، لمحمود بن عبدالله الألوسی، تحقیق/ علی عبدالباری عطیة، ط/ دار الکتب العلمیة- بیروت- لبنان، ط1، 1415هـ.
27-الزاهر فی معانی کلمات الناس، لأبی بکر محمد بن بشار الأنباری، تحقیق/ حاتم صالح الضامن، ط/ مؤسسة الرسالة- بیروت- لبنان، ط1، 1992م.
28-شرح أبیات سیبویه، لیوسف بن أبی سعید السیرافی، تحقیق/ محمد علی هاشم، مراجعة/ طه عبدالرؤوف سعد، ط/ دار الفکر- مصر، ط1، 1974م.
29-شرح الأبیات المشکلة الإعراب (کتاب الشعر) لأبی علی الفارسی، تحقیق وشرح/ محمود محمد الطناحی، ط/ مکتبة الخانجی- القاهرة، ط1، 1988م.
30-شرح الأشمونی على ألفیة ابن مالک، لعلی بن محمد الأشمونی، تحقیق/ إمیل بدیع یعقوب، وحسن حمد، ط/ دار الکتب العلمیة- بیروت- لبنان، ط1، 1998م.
31-شرح التسهیل (شرح تسهیل الفوائد) لأبی عبدالله محمد بن مالک، تحقیق/ عبدالرحمن السید، و/محمد بدوی المختون، ط/ دار هجر- مصر، ط1، 1990م.
32-شرح الکافیة الشافیة، لأبی عبدالله محمد بن مالک، تحقیق/ عبدالمنعم أحمد هریدی، ط/ مرکز البحث العلمی وإحیاء التراث الإسلامی- کلیة الشریعة والدراسات الإسلامیة- مکة المکرمة، ط1، 1402هــ.
33-شرح کتاب سیبویه، لأبی سعید السیرافی، تحقیق/ أحمد حسن مهدلی، وعلی سید علی، ط/ دار الکتب العلمیة- لبنان، ط1، 2008م.
34-ضرائر الشعر، لابن عصفور، تحقیق/ السید إبراهیم محمد، ط/ دار الأندلس- بیروت، ط1، 1980م.
35-الکتاب، لسیبویه، تحقیق/ عبد السلام محمد هارون، ط/ مکتبة الخانجی- القاهرة، ط3، 1988م.
36-الکشاف عن حقائق غوامض التنزیل، لجار الله الزمخشری، ط/ دار الکتاب العربی- بیروت- لبنان، ط3، 1407هـ.
37-اللمحة فی شرح الملحة، لمحمد بن حسن الجذامی، المعروف بابن الصائغ، تحقیق/ إبراهیم سالم الصاعدی، ط/ عمادة البحث العلمی بالجامعة الإسلامیة- المدینة المنورة- السعودیة، ط1، 2004م.
38-المدارس النحویة، للدکتور شوقی ضیف، ط/ دار المعارف- القاهرة، ط7، د ت.
39-مشکل إعراب القرآن، لمکی بن أبی طالب، تحقیق/ حاتم صالح الضامن، ط/ مؤسسة الرسالة- بیروت- لبنان، ط2، 1405هــ.
40-معانی القرآن وإعرابه، لأبی إسحاق الزجاج، تحقیق/ عبدالجلیل عبده شلبی، ط/ عالم الکتب- بیروت- لبنان، ط1، 1988م.
41-معانی القرآن، لأبی الحسن الأخفش، تحقیق/ هدى محمود قراعة، ط/ مکتبة الخانجی- القاهرة، ط1، 1990م.
42-معانی القرآن، لأبی جعفر النحاس، تحقیق/ محمد علی الصابونی، ط/ جامعة أم القرى- السعودیة، ط1، 1409هــ.
43-معانی القرآن، لأبی زکریا الفراء، تحقیق/ أحمد یوسف النجاتی وآخرون، ط/ الدار المصریة للتألیف والترجمة- مصر، ط1، 1978م.
44-مغنی اللبیب عن کتب الأعاریب، لابن هشام الأنصاری، تحقیق/ مازن المبارک، و/ محمد علی حمد الله، ط/ دار الفکر- دمشق، ط6، 1985م.
45-المقتضب، لمحمد بن یزید المبرد، تحقیق/ محمد عبدالخالق عضیمة، ط/عالم الکتب- بیروت- لبنان، ط1، 1996م.
46-الممتع الکبیر فی التصریف، لابن عصفور، تحقیق/ فخر الدین قباوة، ط/ مکتبة لبنان ناشرون- لبنان، ط1، 1996م.
47-المنصف فی شرح کتاب التصریف للمازنی، لأبی الفتح عثمان بن جنی، تحقیق/ إبراهیم مصطفى وعبدالله الأمین، ط/ دار إحیاء التراث القدیم- دمشق، 1954م.
48-نشأة النحو وتاریخ أشهر النحاة، للشیخ محمد الطنطاوی، تحقیق/ أبی محمد عبد الرحمن بن محمد بن إسماعیل، ط/ مکتبة إحیاء التراث الإسلامی- القاهرة، ط5، 2005م.
49-النوادر فی اللغة، لأبی زید الأنصاری، تحقیق/ محمد عبدالقادر أحمد، ط/ دار الشروق- القاهرة، ط1، 1981م.
50-همع الهوامع فی شرح جمع الجوامع، لجلال الدین السیوطی، تحقیق/ عبدالحمید هنداوی، ط/ المکتبة التوفیقیة- مصر، دط، دت.
([2]) المدارس النحویة للدکتور شوقی ضیف: ص 245-247؛ ومن تاریخ النحو العربی لسعید الأفغانی: ص93؛ والمذهب النحوی البغدادی للدکتور إبراهیم محمد نجا: ص 11-15.
([4]) ینظر: المقتضب للمبرد: 1/105، 106؛ والمنصف لابن جنی: 291، 292؛ والممتع الکبیر فی التصریف لابن عصفور: 316؛ وإیجاز التعریف فی علم التصریف لابن مالک: 189.
([10]) البیت من الوافر، وقد جاء بلا نسبة، انظره فی: الزاهر فی معانی کلمات الناس لابن الأنباری: 1/272؛ والجنى الدانی للمرادی: 414؛ وخزانة الأدب للبغدادی: 10/286.
([13]) البیت من الطویل، وهو للمرار بن سلامة العجلی، انظره فی: الکتاب لسیبویه: 1/31، و1/408؛ والمقتضب للمبرد: 4/350؛ وشرح أبیات سیبویه لابن السیرافی: 1/281؛ وشرح التسهیل لابن مالک:2/316.
([14]) البیت من مجزوء الکامل، وهو للبید بن ربیعة، دیوانه:138، وروایة الدیوان:
(وَابْذُل سَنَامَ القِدْرِ إِنْ......... نَ سَواءَها دُهمًا وَجُونا).
([16]) هذا عجز بیت من الطویل، وهو للأعشى، وصدره: (تَجانَفُ عَن جُلِّ الیَمامَةِ ناقَتی)، دیوانه: 89.
([19]) البیت من الطویل، وهو لرجل من بنی عامر، انظره فی: الکتاب لسیبویه:1/178, والمقتضب للمبرد: 3/105؛ والمغنی لابن هشام: 1/654؛ وهمع الهوامع للسیوطی: 2/167.
([20]) ینظر: الکتاب لسیبویه: 1/86؛ ومعانی القرآن للفراء: 1/31، 32؛ ومعانی القرآن للأخفش: 1/92-94؛ ومعانی القرآن وإعرابه للزجاج: 1/128، 129؛ ومشکل إعراب القرآن لمکی أبی طالب: 1/92، 93؛ وشرح التسهیل لابن مالک: 3/312؛ والمغنی لابن هشام: 654؛ والتصریح لخالد الأزهری:2/115، 116.
([22]) ینظر: الکتاب لسیبویه: 2/48، 49، و: 3/621، 622؛ والأصول فی النحو لابن السراج: 3/34؛ وشرح کتاب سیبویه للسیرافی: 2/377، 378؛ وخزانة الأدب للبغدادی: 7/532- 535.
([24]) ینظر: شرح التسهیل لابن مالک: 1/105- 108؛ واللمحة فی شرح الملحة لابن الصائغ: 1/187؛ وارتشاف الضرب لأبی حیان الأندلسی: 2/583؛ والتصریح بمضمون التوضیح لخالد الأزهری: 2/133؛ وخزانة الأدب للبغدادی: 7/532- 535.
([32]) ضرائر الشعر لابن عصفور: 271. وینظر: شرح الأبیات المشکلة الإعراب (کتاب الشعر)، لأبی علی الفارسی: 105؛ والمغنی لابن هشام: 911-913.
([33]) ینظر: المغنی لابن هشام: 913. وروی هذا المعنى عن مقاتل، انظر: تفسیر القرطبی (الجامع لأحکام القرآن): 18/272.
([38]) ینظر: الجنى الدانی للمرادی: 530؛ وشرح التسهیل لابن مالک: 3/365؛ والمغنی لابن هشام: 86؛ وهمع الهوامع للسیوطی: 3/208.
([44]) الآیة: 24 من سورة سبأ، وهذه قراءة أُبَیّ بن کعب، انظر: معانی القرآن للفراء: 1/390؛ والکشاف للزمخشری: 3/582؛ وروح المعانی للألوسی: 11/314.
([45]) البیت من الطویل، وجاء منسوبًا للأخطل، ولم أجده فی دیوانه، انظره فی: شرح التسهیل لابن مالک: 3/366؛ وارتشاف الضرب لأبی حیان: 4/1992؛ وهمع الهوامع للسیوطی: 3/210.
([46]) الجنى الدانی للمرادی: 531، 532. وینظر: معانی القرآن للفراء: 1/389، 390؛ والأزهیة للهروی: 140-142؛ وشرح التسهیل لابن مالک: 3/366؛ وارتشاف الضرب لأبی حیان الأندلسی: 1992، 1993؛ والمغنی لابن هشام: 86، 87؛ وشرح الأشمونی: 2/385 ،386.
([50]) البیت من الطویل، وهو لزهیر بن أبی سلمى، دیوانه: 76، وروایة الدیوان (وإنَّی) بدلًا من (وثُمّ).
([51]) المغنی لابن هشام: 1/158، 159. وینظر: شرح الکافیة لابن مالک: 3/1258؛ وارتشاف الضرب لأبی حیان الأندلسی: 4/1989؛ وشرح الأشمونی: 1/266.
([53]) البیت من الخفیف، وقد جاء بلا نسبة، انظره فی: الأزهیة للهروی: 261؛ والارتشاف لأبی حیان الأندلسی: 1747؛ وشرح التسهیل لابن مالک: 3/184؛ والمغنی لابن هشام: 638؛ وشرح الأشمونی: 1/412؛ والتصریح بمضون التوضیح لخالد الأزهری: 1/635؛ وهمع الهوامع للسیوطی: 2/435.
([54]) انظر: الکتاب لسیبویه: 2/175، 176؛ والأصول فی النحو لابن السراج: 1/419؛ وشرح کتاب سیبویه للسیرافی: 3/10، 11؛ والأزهیة للهروی: 261؛ والارتشاف لأبی حیان الأندلسی: 1747، 1748.
([58]) انظر: الکتاب لسیبویه: 2/302-305؛ والمقتضب للمبرد: 4/358، 359؛ والأصول فی النحو لابن السراج: 1/380.
([59]) ینظر: الجنى الدانی للمرادی: 300، 301؛ ومغنی اللبیب لابن هشام: 1/322؛ والتصریح بمضمون التوضیح لخالد الأزهری: 1/338.
([62]) البیت من الطویل، وهو من شواهد سیبویه، انظره فی: الکتاب لسیبویه: 3/105؛ وشرح أبیات سیبویه لابن السیرافی: 2/132.
([64]) ینظر: معانى القرآن للفراء: 1/297؛ ومعانی القرآن للنحاس: 2/234، 244؛ ومعانى القرآن للزجاج: 2/136،137؛ والجنى الدانی للمرادی: 224، 225؛ والمغنى لابن هشام: 55.
([67]) ینظر: معانى القرآن للفراء: 2/ 374؛ ومعانی القرآن للزجاج: 4/283؛ ومشکل إعراب القرآن لمکی أبی طالب: 2/601؛ والبرهان فی علوم القرآن للزرکشی: 4/403.
([68]) أمالی ابن الشجری: 2/557. قال الطناحی فی حاشیة الأمالی: وقد تحدث ابن الشجرى فی أول المجلس عن حذف ألف «ما» إذا اتصل بها حرف الجرّ.
([69]) ینظر: المقتصب للمبرد: 2/55؛ والأصول فی النحو لابن السراج: 1/419، 420؛ وشرح التسهیل لابن مالک: 3/172، 174؛ والجنى الدانی للمرادی: 455، 456؛ والمغنی لابن هشام: 182، 183.